تفسير الآية 37 من سورة محمد

[إخفاء]

{إِن يَسۡـَٔلۡكُمُوهَا فَيُحۡفِكُمۡ تَبۡخَلُواْ وَيُخۡرِجۡ أَضۡغَٰنَكُمۡ} (37)

ثم أشار - سبحانه - إلى جانب من حكمته فى تشريعاته فقال : { إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُواْ وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ } .

وقوله { يُحْفِكُمْ } من الإِحفاء بمعنى الإِلحاف : وهو المبالغة فى الطلب . ييقال : أحفاه فى المسألة ، إذا ألح عليه فى طلبها إلحاحا شديدا ، ومنه قوله - تعالى - { لاَ يَسْأَلُونَ الناس إِلْحَافاً } وأصله من أحفيت البعير ، إذا أرهقته فى المشى حتى انبرى ورق خفه .

أى : إن يكلفكم بأخراج جميع أموالكم ، ويبالغ فى طلب ذلك منكم ، تبخلوا بها فلا تعطوها ، وبذلك { يُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ } أى : يظهر أحقادكم وكراهيتكم لهذا التكليف ، لأن حبكم الجم للمال يجعلكم تكرهون كل تشريع يأمركم بإخراج جميع أموالكم .

فقوله { فَيُحْفِكُمْ } عطف على فعل الشرط ، وقوله { تَبْخَلُواْ } جواب الشرط ، وقوله : { وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ } معطوف على هذا الجواب .

الآية السابقة الآية التالية

[إخفاء]

{إِن يَسۡـَٔلۡكُمُوهَا فَيُحۡفِكُمۡ تَبۡخَلُواْ وَيُخۡرِجۡ أَضۡغَٰنَكُمۡ} (37)

( إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا ، ويخرج أضغانكم ) . .

وهذا النص يوحي بحكمة اللطيف الخبير ، كما يوحي برحمته ولطفه بالنفوس . ويكشف عن التقدير الدقيق في تكاليف هذا الدين ، ومراعاته للفطرة ، وتناسقه مع بشرية البشر بكل استعداداتها ، وطاقاتها ، وأحوالها . فهو عقيدة ربانية لإنشاء نظام رباني إنساني . نظام رباني من ناحية أن الله هو الذي يقيم منهجه وقواعده ؛ وإنساني من ناحية أن الله يراعي في تكاليفه طاقة الإنسان وحاجته . والله هو الذي خلق ، وهو أعلم بمن خلق ، وهو اللطيف الخبير .

الآية السابقة الآية التالية

[إخفاء]

{إِن يَسۡـَٔلۡكُمُوهَا فَيُحۡفِكُمۡ تَبۡخَلُواْ وَيُخۡرِجۡ أَضۡغَٰنَكُمۡ} (37)

ثم قال : { إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا } أي : يحرجكم{[26725]} تبخلوا : { وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ }

قال قتادة : " قد علم الله أن في إخراج الأموال إخراج الأضغان " . وصدق قتادة فإن المال محبوب ، ولا يصرف إلا فيما هو أحب إلى الشخص منه .

[26725]:- (1) في أ: "يحوجكم".

الآية السابقة الآية التالية

المقارنة مع تفسير آخر