التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{تِلۡكَ إِذٗا قِسۡمَةٞ ضِيزَىٰٓ} (22)

وقوله - سبحانه - : { أَلَكُمُ الذكر وَلَهُ الأنثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضيزى } توبيخ آخر لهم على جهلهم ، وبيان لسبب التوبيخ والتهكم . . .

ولفظ " ضيزى " بمعنى جائرة وظالمة . يقال : ضاز فلان فى حكمه ، إذا جار وظلم ولم يراع القسط فى أقواله وأفعاله ، ويقال : ضاز فلان فلانا حقه ، إذا بخسه ونقصه . .

قال الجمل ما ملخصه : قرأ الجمهور { ضيزى } من ضازه يضيزه . إذا جار عليه ، فمعنى " ضيزى " جائرة . وعلى هذا فتحتمل وجهين : أحدهما أن تكون صفة على " فعلى " ، - بضم الفاء - وإنما كسرت الفاء لتصح الياء كبيض - جمع أبيض - .

وثانيهما : أن تكون من ضأزه بالهمزة كقراءة ابن كثير ، إلا أن الهمزة قد خففت . . ومعنى ضأزه يضأزه : نقصه .

أى : أجعلتم لله - تعالى - البنات ، وجعلتم لأنفسكم البنين ، مع تفضيلكم للبنين على البنات ، ومع اعترافكم بأن الله - تعالى - هو الخالق لكم ولكل شىء .

إن فعلكم هذا لهو فى غاية الجور والظلم ، لأنكم نسبتم إلى الله - تعالى - وهو خالقكم ما استنكفتم من نسبه لأنفسكم .

فأنت ترى أنه - سبحانه - لم يكتف بوصفهم بالكفر ، بل أضاف إلى ذلك وصفهم بالجور والحمق وانطماس البصيرة .

وجملة : { تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضيزى } تعليل للإنكار والتوبيخ المستفاد من الاستفهام فى قوله : { أَلَكُمُ الذكر وَلَهُ الأنثى } .

وقدم - سبحانه - الجار والمجرور فى قوله : { أَلَكُمُ . . } لإفادة التخصيص .

والإشارة بتلك تعود إلى القسمة المفهومة من قوله : { أَلَكُمُ الذكر وَلَهُ الأنثى } و { إِذاً } فى قوله : { تِلْكَ إِذاً . . . } حرف جواب . أى : إن كان الأمر كما زعمتم ، فقسمتكم إذا قسمة جائرة ظالمة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{تِلۡكَ إِذٗا قِسۡمَةٞ ضِيزَىٰٓ} (22)

إنها إذن قسمة غير عادلة قسمتكم بين أنفسكم وبين الله ! ( تلك إذن قسمة ضيزى ! ) . .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{تِلۡكَ إِذٗا قِسۡمَةٞ ضِيزَىٰٓ} (22)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{تلك إذا قسمة ضيزى} يعني جائزة عوجاء أن يكون لهم الذكر وله الأنثى..

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"ألَكُمُ الذّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى "يقول: أتزعمون أن لكم الذكر الذي ترضونه، ولله الأنثى التي لا ترضونها لأنفسكم.

"تِلكَ إذا قِسْمَةٌ ضِيزَى" يقول جلّ ثناؤه: قسمتكم هذه قسمة جائرة غير مستوية، ناقصة غير تامة، لأنكم جعلتم لربكم من الولد ما تكرهون لأنفسكم، وآثرتم أنفسكم بما ترضونه، والعرب تقول: ضِزته حقه -بكسر الضاد- وضُزته –بضمها- فأنا أضيزه وأضوزه، وذلك إذا نقصته حقه ومنعته... وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله: "قِسْمَةٌ ضِيزَى" قال أهل التأويل، وإن اختلفت ألفاظهم بالعبارة عنها، فقال بعضهم: قِسْمة عَوْجاء... وقال آخرون: قسمة جائرة... وقال آخرون: قسمة منقوصة... وقال آخرون: قسمة مخالفة...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{تلك إذا قسمة ضيزى} فيه مسائل:

المسألة الأولى: (تلك) إشارة إلى ماذا؟ نقول إلى محذوف تقديره تلك القسمة قسمة ضيزى أي غير عادلة، ويحتمل أن يقال معناه تلك النسبة قسمة، وذلك لأنهم ما قسموا وما قالوا لنا البنون وله البنات، وإنما نسبوا إلى الله البنات وكانوا يكرهونهن كما قال تعالى: {ويجعلون لله ما يكرهون} فلما نسبوا إلى الله البنات حصل من تلك النسبة قسمة جائزة وهذا الخلاف لا يرهق.

المسألة الثانية: {إذا} جواب ماذا؟ نقول يحتمل وجوها: (الأول) نسبتكم البنات إلى الله تعالى إذا كان لكم البنون قسمة ضيزى (الثاني) نسبتكم البنات إلى الله تعالى مع اعتقادكم أنهن ناقصات واختياركم البنين مع اعتقادكم أنهم كاملون إذا كنتم في غاية الحقارة والله تعالى في نهاية العظمة قسمة ضيزى.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كان الاستفهام إنكارياً رد الإنكار بقوله فذلكة لفعلهم: {تلك} أي هذه القسمة البعيدة عن الصواب {إذاً} أي إذ جعلتم البنات له والبنين لكم {قسمة ضيزى}.

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

{تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى} أي: ظالمة جائرة، وأي ظلم أعظم من قسمة تقتضي تفضيل العبد المخلوق على الخالق؟ تعالى عن قولهم علوا كبيرا.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وجملة {تلك إذا قسمة ضيزى} تعليل للإنكار والتهكم المفاد من الاستفهام في {ألكم الذكر وله الأنثى}، أي قد جرتُم في القسمة وما عدلتم فأنتم أحقاء بالإِنكار.والإِشارة ب {تلك} إلى المذكور باعتبار الإِخبار عنه بلفظ {قسمة} فإنه مؤنث اللفظ. و {إذن} حرف جواب أريد به جواب الاستفهام الإِنكاري، أي ترتب على ما زعمتم أن ذلك قسمة ضِيزى، أي قسمتم قسمة جائرة. وهذا وسم لهم بالجور زيادة على الكفر، لأن التفكير في الجور كفعله، فإن تخيلات الإِنسان ومعتقداته عنوان على أفكاره وتصرفاته.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى} أي جائرة لا تخضع للعدل في ميزان التقييم بالقياس إلى المفهوم السائد عندهم، أمّا عند الله، فلا فرق بين الذكر والأنثى، فكل واحدٍ منهما مخلوقٌ له، ولا علاقة له بأحدهما دون الآخر، فالجميع متساوون أمامه في العبودية.