التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَعَلَٰمَٰتٖۚ وَبِٱلنَّجۡمِ هُمۡ يَهۡتَدُونَ} (16)

والمراد بالعلامات فى قوله - تعالى - : { وَعَلامَاتٍ وبالنجم هُمْ يَهْتَدُونَ } الأمارات والمعالم التى يضعها الناس على الطرق بإلهام من الله - تعالى - للاهتداء بها عند السفر .

والمراد بالنجم : الجنس ، فيشمل كل نجم يهتدى به المسافر .

أى ومن مظاهر نعمه - أيضا - ، أنه - سبحانه - جعل فى الأرض معالم وأمارات من جبال كبار ، وآكام صغار ، وغير ذلك ، ليهتدى بها المسافرون فى سفرهم ، وتكون عونا لهم على الوصول إلى غايتهم ، وبمواقع النجوم هم يهتدون فى ظلمات البر والبحر ، إلى الأماكن التى يبغون الوصول إليها .

والضمير " هم " فى قوله { وبالنجم هُمْ يَهْتَدُونَ } يشمل كل سالك فى ظلمات البر والبحر ، ويدخل فيه دخولا أوليا أهل مكة ، لأنهم كانوا كثيرى الأسفار للتجارة ، كما كانوا معروفين بالاهتداء فى سيرهم بمواقع النجوم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَعَلَٰمَٰتٖۚ وَبِٱلنَّجۡمِ هُمۡ يَهۡتَدُونَ} (16)

( وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ )

وإلى جوار ذلك معالم الطرق التي يهتدي بها السالكون في الأرض من جبال ومرتفعات ومنفرجات ، وفي السماء من النجم الذي يهدي السالكين في البر والبحر سواء .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَعَلَٰمَٰتٖۚ وَبِٱلنَّجۡمِ هُمۡ يَهۡتَدُونَ} (16)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَعَلامَاتٍ وَبِالنّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ } .

اختلف أهل التأويل في المعنّى بالعلامات ، فقال بعضهم : عُني بها معالم الطرق بالنهار . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : وَعَلاماتٍ وبالنّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ يعني بالعلامات : معالم الطرق بالنهار ، وبالنجم هم يهتدون بالليل .

وقال آخرون : عُني بها النجوم . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا يحيى ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم : وَعَلاماتٍ وبالنّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ قال : منها ما يكون علامات ، ومنها ما يهتدون به .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد : وَعَلاماتٍ وبالنّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ قال : منها ما يكون علامة ، ومنها ما يهتدي به .

حدثني المثنى ، قال : أخبرنا إسحاق ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني المثنى ، قال : أخبرنا إسحاق ، قال : حدثنا قبيصة ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، مثله .

قال : المثنى ، قال : حدثنا إسحاق خالف قبيصة وكيعا في الإسناد .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَعَلاماتٍ وبالنّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ والعلامات : النجوم ، وإن الله تبارك وتعالى إنما خلق هذه النجوم لثلاث خصلات : جعلها زينة للسماء ، وجعلها يهتدي بها ، وجعلها رجوما للشياطين . فمن تعاطى فيها غير ذلك ، فَقَدَ رَأْيه وأخطأ حظه وأضاع نصيبه وتكلّف ما لا علم له به .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتاد : وَعَلاماتٍ قال النجوم .

وقال آخرون : عُني بها الجبال . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الكلبي : وَعَلاماتٍ قال : الجبال .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله تعالى ذكره عدّد على عباده من نعمه ، إنعامَهُ عليهم بما جعل لهم من العلامات التي يهتدون بها في مسالكهم وطرقهم التي يسيرونها ، ولم يخصص بذلك بعض العلامات دون بعض ، فكلّ علامة استدلّ بها الناس على طرقهم وفجاج سُبلهم فداخل في قوله : وَعَلاماتٍ . والطرق المسبولة : الموطوءة ، علامة للناحية المقصودة ، والجبال علامات يهتدي بهنّ إلى قصد السبيل ، وكذلك النجوم بالليل . غير أن الذي هو أولى بتأويل الاَية أن تكون العلامات من أدلة النهار ، إذ كان الله قد فصل منها أدلة الليل بقوله : وبالنّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ . وإذا كان ذلك أشبه وأولى بتأويل الاَية ، فالواجب أن يكون

القول في ذلك ما قاله ابن عباس في الخبر الذي رويناه عن عطية عنه ، وهو أن العلامات معالم الطرق وأماراتها التي يهتدى بها إلى المستقيم منها نهارا ، وأن يكون النجم الذي يهتدى به ليلاً هو الجدي والفرقدان ، لأن بها اهتداء السفر دون غيرها من النجوم . فتأويل الكلام إذن : وجعل لكم أيها الناس علامات تستدلون بها نهارا على طرقكم في أسفاركم . ونجوما تهتدون بها ليلاً في سُبلكم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَعَلَٰمَٰتٖۚ وَبِٱلنَّجۡمِ هُمۡ يَهۡتَدُونَ} (16)

{ وعلامات } معالم يستدل بها السابلة من جبل وسهل وريح ونحو ذلك . { وبالنجم هم يهتدون } بالليل في البراري والبحار ، والمراد بالنجم الجنس ويدل عليه قراءة " وبالنُّجْمِ " بضمتين وضمة وسكون على الجمع . وقيل الثريا والفرقدان وبنات نعش والجدي ، ولعل الضمير لقريش لأنهم كانوا كثيري الأسفار مشهورين بالاهتداء في مسايرهم بالنجوم ، وإخراج الكلام عن سنن الخطاب وتقديم النجم وإقحام الضمير للتخصيص كأنه قيل : وبالنجم خصوصا هؤلاء خصوصا يهتدون ، فالاعتبار بذلك والشكر عليه ألزم لهم أوجب عليهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَعَلَٰمَٰتٖۚ وَبِٱلنَّجۡمِ هُمۡ يَهۡتَدُونَ} (16)

العلامات : الأمارات التي ألهم الله الناس أن يضعوها أو يتعارفوها لتكون دلالة على المسافات والمسالك المأمونة في البرّ والبحر فتتبعها السابلة .

وجملة { وبالنجم هم يهتدون } معطوفة على جملة { وألقى في الأرض رواسي } ، لأنها في معنى : وهداكم بالنجم فأنتم تهتدون به . وهذه منّة بالاهتداء في الليل لأن السبيل والعلامات إنما تهدي في النهار ، وقد يضطرّ السالك إلى السير ليلاً ؛ فمواقع النجوم علامات لاهتداء الناس السائرين ليلاً تعرف بها السموات ، وأخصّ من يهتدي بها البحّارة لأنهم لا يستطيعون الإرساء في كل ليلة فهم مضطرّون إلى السير ليلاً ، وهي هداية عظيمة في وقت ارتباك الطريق على السائر ، ولذلك قدم المتعلق في قوله تعالى : { وبالنجم } تقديماً يفيد الاهتمام ، وكذلك بالمسند الفعلي في قوله تعالى : { هم يهتدون } .

وعدل عن الخطاب إلى الغيبة التفاتاً يومىء إلى فريق خاص وهم السيّارة والملاّحون فإن هدايتهم بهذه النجوم لا غير .

والتعريف في « النجم » تعريف الجنس . والمقصود منه النجوم التي تعارفها الناس للاهتداء بها مثل القطب . وتقدم في قوله تعالى : { وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها } في [ سورة الأنعام : 97 ] .

وتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي في قوله تعالى { هم يهتدون } لمجرّد تقوي الحكم ، إذ لا يسمح المقام بقصد القصر وإن تكلّفه في « الكشاف » .