التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَلَيۡسَ ذَٰلِكَ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يُحۡـِۧيَ ٱلۡمَوۡتَىٰ} (40)

وجملة { أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ على أَن يُحْيِيَ الموتى } بمثابة النتيجة بعد المقدمات والأدلة .

أى : أليس ذلك الرب العظيم الشأن والقدرة ، الذى أحسن كل شئ خلقه : والذى خلق الإِنسان فى تلك الأطوار المتعددة . . أليس ذلك الإِله صاحب الخلق والأمر .

{ بِقَادِرٍ على أَن يُحْيِيَ الموتى } وعلى أن يعيدهم إلى الحياة مرة أخرى ، ليجازى الذين أساءوا بما عملوا ، ويجازى الذين أحسنوا بالحسنى ؟ بلى إنه لقادر على ذلك قدرة تامة .

وقد ساق الإِمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية جملة من الأحاديث منها : أن رجلا كان إذا قرأ هذه الآية قال : سبحانك اللهم وبلَى . فسئل عن ذلك فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَلَيۡسَ ذَٰلِكَ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يُحۡـِۧيَ ٱلۡمَوۡتَىٰ} (40)

وأمام هذه الحقيقة التي تفرض نفسها فرضا على الحس البشري ، يجيء الإيقاع الشامل لجملة من الحقائق التي تعالجها السورة :

( أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ? ) . .

بلى ! سبحانه ! فإنه لقادر على أن يحيي الموتى !

بلى ! سبحانه ! فإنه لقادر على النشأة الأخرى !

بلى ! سبحانه ! وما يملك الإنسان إلا أن يخشع أمام هذه الحقيقة التي تفرض نفسها فرضا .

وهكذا تنتهي السورة بهذا الإيقاع الحاسم الجازم ، القوي العميق ، الذي يملأ الحس ويفيض ، بحقيقة الوجود الإنساني وما وراءها من تدبير وتقدير . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَلَيۡسَ ذَٰلِكَ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يُحۡـِۧيَ ٱلۡمَوۡتَىٰ} (40)

وقوله : ثُمّ كانَ عَلَقَةً يقول تعالى ذكره : ثم كان دما من بعد ما كان نطفة ، ثم علقة ، ثم سوّاه بشرا سويا ، ناطقا سميعا بصيرا فَجَعَلَ مِنْهُ الزّوْجَينِ الذّكَرَ والأُنْثَى يقول تعالى ذكره : فجعل من هذا الإنسان بعد ما سوّاه خلقا سويا أولادا له ، ذكورا وإناثا ألَيْسَ ذلكَ بقادِرٍ على أنْ يُحْيِيَ المَوْتَى يقول تعالى ذكره : أليس الذي فعل ذلك فخلق هذا الإنسان من نطفة ، ثم علقة حتى صيره إنسانا سويا ، له أولاد ذكور وإناث ، بقادر على أن يُحييَ الموتى من مماتهم ، فيوجدهم كما كانوا من قبل مماتهم . يقول : معلوم أن الذي قَدِر على خَلق الإنسان من نطفة من منيّ يمنى ، حتى صيره بشرا سويا ، لا يُعجزه إحياء ميت من بعد مماته وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ ذلك قال : «بلى » .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ألَيْسَ ذلكَ بقادِرٍ على أن يُحْيِيَ المَوْتَى ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأها قال : «سبحانك وبلَى » .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَلَيۡسَ ذَٰلِكَ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يُحۡـِۧيَ ٱلۡمَوۡتَىٰ} (40)

ولذلك رتب عليه قوله أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى .

ختام السورة:

عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قرأها قال سبحانك بلى وعنه صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة القيامة شهدت له أنا وجبريل يوم القيامة أنه كان مؤمنا به .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَلَيۡسَ ذَٰلِكَ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يُحۡـِۧيَ ٱلۡمَوۡتَىٰ} (40)

وجملة { أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى } واقعة موقع النتيجة من الدليل لأن خلق جسم الإِنسان من عدم وهو أمر ثابت بضرورة المشاهدة ، أحق بالاستبعاد من إعادة الحياة إلى الجسم بعد الموت سواء بقي الجسم غير ناقص أو نقص بعضُه أو معظمه فهو إلى بَثثِ الحياة فيه وإعادةِ ما فنِيَ من أجزائه أقرب من إيجاد الجسم من عدم .

والاستفهام إنكار للمنفي إنكارَ تقرير بالإِثبات وهذا غالب استعمال الاستفهام التقريري أن يقع على نفي ما يراد إثباته ليكون ذلك كالتوسعة على المقرَّر إن أراد إنكاراً كناية عن ثقة المتكلم بأن المخاطب لا يستطيع الإِنكار .

وقد جاء في هذا الختام بمحسّن ردّ العجز على الصدر ، فإن السورة افتتحت بإنكار أن يحسب المشركون استحالة البعث ، وتسلسلَ الكلام في ذلك بأفانين من الإِثبات والتهديد والتشريط والاستدلال ، إلى أن أفضى إلى استنتاج أن الله قادر على أن يحييَ الموتى وهو المطلوب الذي قدم في قوله : { أيحسب الإِنسان أن لن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوّي بَنَانه } [ القيامة : 3 ، 4 ] .

وتعميم الموتى في قوله : { أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى } بعدَ جريان أسلوببِ الكلام على خصوص الإِنسان الكافر أو خصوص كافر معيّن ، يجعل جملة { أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى } تذييلاً .