التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلنَّـٰشِطَٰتِ نَشۡطٗا} (2)

وقوله : { والناشطات نَشْطاً } : المقصود به طائفة أخرى من الملائكة . والناشطات من النَّشْط ، وهو السرعة فى العمل ، والخفة فى أخذ الشئ ، ومنه الأنشوطة ، للعقدة التى يسهل حلها ، ويقال : نَشَطتُ الدول من البئر - من باب ضرب - إذا نزعتها بسرعة وخفة .

أى : وحق الملائكة الذين ينشطون ويسرعون إسراعا شديدا لقبض أرواح المؤمنين بخفة وسهولة ويقولون لهم - على سبيل البشارة والتكريم - : { ياأيتها النفس المطمئنة . ارجعي إلى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلنَّـٰشِطَٰتِ نَشۡطٗا} (2)

ناشطات منطلقات في حركاتها .

/خ5

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱلنَّـٰشِطَٰتِ نَشۡطٗا} (2)

وقوله : والنّاشِطاتِ نَشْطا اختلف أهل التأويل أيضا فيهنّ ، وما هنّ ، وما الذي يَنْشِط ، فقال بعضهم : هم الملائكة ، تَنْشِط نفس المؤمن فتقبضها ، كما يُنْشَط العِقال من البعير إذا حُلّ عنه . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : والنّاشِطاتِ نَشْطا قال : الملائكة .

وكان الفرّاء يقول : الذي سمعت من العرب أن يقولوا : أنْشَطْت ، وكأنما أُنْشط من عِقال ، ورَبْطُها : نشطها ، والرابط : الناشِط قال : وإذا ربطت الحبل في يد البعير فقد نَشَطته تَنْشِطهُ ، وأنت ناشِط ، وإذا حللته فقد أنشطته .

وقال آخرون : النّاشِطاتِ نَشْطا هو الموت يَنْشِط نفسَ الإنسان . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد والنّاشِطاتِ نَشْطا قال : الموت .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، قال : حدثنا سفيان ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يحيى ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا يوسف بن يعقوب ، قال : حدثنا شعبة عن السديّ ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس والنّاشِطاتِ نَشْطا قال : حين تَنْشِط نفسَه .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن السديّ والنّاشِطاتِ نَشْطا قال : نَشْطُها : حين تُنْشَط من القدمين .

وقال آخرون : هي النجوم تَنْشِط من أفق إلى أفق . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قوله : والنّاشِطاتِ نَشْطا قال : النجوم .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة والنّاشِطاتِ نَشْطا قال : هنّ النجوم .

وقال آخرون : هي الأوهاق . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن واصل بن السائب ، عن عطاء والنّاشِطاتِ نَشْطا قال : الأوهاق .

والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : إن الله جلّ ثناؤه أقسم بالناشطات نَشْطا ، وهي التي تَنْشُط من موضع إلى موضع ، فتذهب إليه ، ولم يخصص الله بذلك شيئا دون شيء ، بل عَمّ القَسَم بجميع الناشطات ، والملائكة تَنْشُط من موضع إلى موضع ، وكذلك الموت ، وكذلك النجوم والأوهاق وبقر الوحش أيضا تَنْشُط ، كما قال الطّرِمّاح :

وَهَلْ بِحَلِيفِ الخَيْلِ مِمّنْ عَهِدْتُهُ *** بِهِ غَيْرُ أُحْدانَ النّوَاشِطِ رُوْعُ

يعني بالنواشط : بقر الوحش ، لأنها تنشَط من بلدة إلى بلدة ، كما قال رُؤْبة بن العجّاج :

*** تَنَشّطَتْه كُلّ مِغْلاةِ الّوَهَقْ ***

والهموم تَنْشُط صاحبها ، كما قال هِمْيان بن قُحافة :

أمْستْ هُمُومي تَنْشِطُ المَناشِطَا *** الشّامَ بي طَوْرا وَطَوْرا وَاسِطَا

فكلّ ناشط فداخل فيما أقسم به ، إلا أن تقوم حجة يجب التسليم لها ، بأن المعنيّ بالقسم من ذلك ، بعض دون بعض .