التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ ٱلۡعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ} (6)

واسم الإِشارة فى قوله { ذلك عَالِمُ الغيب والشهادة العزيز الرحيم } يعود إلى الله - تعالى - ، وهو مبتدأ ، وهو بعده أخبار له - عز وجل - .

أى : ذلك الذى اتصف بتلك الصفات الجليلة ، وفعل تلك الأفعال المتقنة الحكيمة ، هو الله - تعالى - ، { عَالِمُ الغيب والشهادة } أى : عالم كل ما غاب عن الحسن ، وكل ما هو مشاهد له ، لا يخفى عليه شئ مما ظهر أو بطن { العزيز } الذى لاي غلبه غالب { الرحيم } بعباده .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ ٱلۡعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ} (6)

القول في تأويل قوله تعالى : { ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرّحِيمُ * الّذِيَ أَحْسَنَ كُلّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِن طِينٍ * ثُمّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مّن مّآءٍ مّهِينٍ } .

يقول تعالى ذكره : هذا الذي يفعل ما وصفت لكم في هذه الاَيات ، هو عالم الغيب ، يعني عالم ما يغيب عن أبصاركم أيها الناس ، فلا تبصرونه مما تكنه الصدور ، وتخفيه النفوس ، وما لم يكن بعد مما هو كائن ، والشهادة : يعني ما شاهدته الأبصار فأبصرته وعاينته وما هو موجود العَزِيزُ يقول : الشديد في انتقامه ممن كفر به وأشرك معه غيره ، وكذّب رسله الرّحِيمُ بمن تاب من ضلالته ، ورجع إلى الإيمان به وبرسوله ، والعمل بطاعته ، أن يعذّبه بعد التوبة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ ٱلۡعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ} (6)

{ ذلك عالم الغيب والشهادة } فيدبر أمرهما على وفق الحكمة . { العزيز } الغالب على أمره . { الرحيم } على العباد في تدبيره ، وفيه إيماء بأنه سبحانه يراعي المصالح تفضلا وإحسانا .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ ٱلۡعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ} (6)

جيء بالإشارة إلى اسم الجلالة بعدما أجري عليه مِن أوصاف التصرف بخلق الكائنات وتدبير أمورها للتنبيه على أن المشار إليه باسم الإشارة حقيق بما يَرِد بعد اسم الإشارة من أجل تلك الصفات المتقدمة كما تقدم في قوله تعالى : { أولئك على هدى من ربهم } في سورة البقرة ( 5 ) ، لا جرم أن المتصرف بذلك الخلق والتدبير عالم بجميع مخلوقاته ومحيط بجميع شؤونها فهو عالم الغيب ، أي : ما غاب عن حواس الخلق ، وعالِمُ الشهادة ، وهو ما يدخل تحت إدراك الحواس ، فالمراد بالغيب والشهادة : كل غائب وكل مشهود . والمقصود هو علم الغيب لأنهم لما أنكروا البعث وإحياء الموتى كانت شبهتهم في إحالته أن أجزاء الأجسام تفرقت وتخللت الأرضَ ، ولذلك عقب بقوله بعده { وقالوا أإذا ضَلَلْنَا في الأرض إنَّا لفِي خلق جديد } [ السجدة : 10 ] . وأما عطف { والشهادة } فهو تكميل واحتراس .

ومناسبة وصفه تعالى ب { العزيز الرحيم } عقب ما تقدم أنه خلق الخلق بمحض قدرته بدون معين ، فالعزة وهي الاستغناء عن الغير ظاهرة ، وأنه خلقهم على أحوال فيها لطف بهم فهو رحيم بهم فيما خلقهم إذ جعل أمور حياتهم ملائمة لهم فيها نعيم لهم وجنبهم الآلام فيها . فهذا سبب الجمع بين صفتي { العزيز والرحيم } هنا على خلاف الغالب من ذكر الحكيم مع العزيز .

و { العزيز الرحيم } يجوز كونهما خبرين آخرين عن اسم الإشارة أو وصفين ل { عَالِم الغَيب } .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ ٱلۡعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ} (6)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ذلك} الذي ذكر من هذه الأشياء {عالم الغيب والشهادة العزيز} في ملكه {الرحيم} بخلقه.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: هذا الذي يفعل ما وصفت لكم في هذه الآيات، هو عالم الغيب، يعني عالم ما يغيب عن أبصاركم أيها الناس، فلا تبصرونه مما تكنه الصدور، وتخفيه النفوس، وما لم يكن بعد مما هو كائن، "والشهادة": يعني ما شاهدته الأبصار فأبصرته وعاينته وما هو موجود "العَزِيزُ "يقول: الشديد في انتقامه ممن كفر به وأشرك معه غيره، وكذّب رسله، "الرّحِيمُ" بمن تاب من ضلالته، ورجع إلى الإيمان به وبرسوله، والعمل بطاعته، أن يعذّبه بعد التوبة.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

{الْعَزِيزُ} مع المطيعين {الرَّحيمُ} على العاصين؛ {الْعَزِيزُ} للمطيعين ليكْسِرَ صولتَهم {الرَّحِيمُ} للعاصين ليرفعَ زَلَّتَهم.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

قالت فرقة أراد ب {الغيب} الآخرة وب {الشهادة} الدنيا. وقيل أراد ب {الغيب} ما غاب عن المخلوقين وب {الشهادة} ما شوهد من الأشياء فكأنه حصر بهذه الألفاظ جميع الأشياء.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

ثم بين أن هذا الملك العظيم النافذ الأمر غير غافل؛ فإن الملك إذا كان آمرا ناهيا يطاع في أمره ونهيه، ولكن يكون غافلا لا يكون مهيبا عظيما كما يكون مع ذلك خبيرا يقظا لا تخفى عليه أمور الممالك والمماليك فقال: {ذلك عالم الغيب والشهادة} ولما ذكر من قبل عالم الأشباح بقوله:

{خلق السماوات} وعالم الأرواح بقوله: {يدبر الأمر من السماء إلى الأرض} قال: {عالم الغيب} يعلم ما في الأرواح {والشهادة} يعلم ما في الأجسام أو نقول قال: {عالم الغيب} إشارة إلى ما لم يكن بعد {والشهادة} إشارة إلى ما وجد وكان وقدم العلم بالغيب لأنه أقوى وأشد إنباء عن كمال العلم، ثم قال تعالى: {العزيز الرحيم} لما بين أنه عالم ذكر أنه عزيز قادر على الانتقام من الكفرة رحيم واسع الرحمة على البررة.

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :

وفي الكلام معنى التهديد والوعيد، أي أخلصوا أفعالكم وأقوالكم فإني أجازي عليها.

أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي 685 هـ :

{العزيز} الغالب على أمره، {الرحيم} على العباد في تدبيره، وفيه إيماء بأنه سبحانه يراعي المصالح تفضلا وإحسانا.

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

{ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ}: المدبر لهذه الأمور الذي هو شهيد على أعمال عباده، يرفع إليه جليلها وحقيرها، وصغيرها وكبيرها، عزيز في رحمته، رحيم في عزته.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{العزيز} الذي يعجز كل شيء ولا يعجزه شيء، ولما كان ربما قدح متعنت في عزته بإهمال العصاة قال: {الرحيم} أي الذي خص أهل التكليف من عباده بالرحمة في إنزال الكتب على ألسنة الرسل، وأبان لهم ما ترضاه الإلهية، بعد أن عم جميع الخلائق بصفة الرحمانية بعد الإيجاد من الإعدام بالبر والإنعام.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

ومناسبة وصفه تعالى ب {العزيز الرحيم} عقب ما تقدم أنه خلق الخلق بمحض قدرته بدون معين، فالعزة وهي الاستغناء عن الغير ظاهرة، وأنه خلقهم على أحوال فيها لطف بهم فهو رحيم بهم فيما خلقهم إذ جعل أمور حياتهم ملائمة لهم فيها نعيم لهم وجنبهم الآلام فيها.