تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ذَٰلِكَ عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ ٱلۡعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ} (6)

الآية 6 وقوله تعالى : { ذلك } أي هذا الذي صنع ما ذكر من هذه الأشياء { عالم الغيب والشهادة } يحتمل وجوها :

عالم ما غاب عن الخلق { والشهادة } و{ عالم } ما يسرون( {[16360]} ) ، وما يعلنون و{ عالم } ما يكون ، ويحدث ، { والشهادة } ما قد كان ، ومضى ، أو { عالم } ما يغيب بعض من بعض { والشهادة } ما يشهدون ويظهرون ، أو عالم ما يغيب عن الخلق كبقية [ منافع الأشياء ]( {[16361]} ) الظاهرة وماهيتها نحو ما غاب عنهم المعنى المضر المودع في الطعام والشراب والأغذية جميعا : الذي به حياة أنفسهم وقوامهم ، وكذلك السمع والبصر والفهم والعقل ، لا يدرك المعنى الذي به يسمع ، ويبصر ، ويفهم ، ويدرك ، وما به تحيى أنفسهم ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { العزيز الرحيم } { العزيز } في هذا الموضع : المنتقم من أعدائه { الرحيم } على أوليائه ، أو { العزيز } الذي لا يعجزه شيء { الرحيم } الذي له رحمة ، يسع الخلائق في رحمته ، أو { العزيز } الذي يعز من عز ، و{ الرحيم } الذي برحمته يرحم من يرحم .

ومنهم من يقول في قوله : { في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون } قال : من منتهى أمره من أسفل الأرضين إلى منتهى أمره في السماوات ، مقدار خمسين ألف سنة { في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون } ذلك نزول الأمر من السماء إلى الأرض ومن الأرض إلى السماء في يوم واحد ، فذلك مقداره ألف سنة .

لكن قولهم( {[16362]} ) : من منتهى أمره من أسفل الأرضين إلى منتهى أمر فوق السماوات كذا فاسد ، لأنه لا يجوز أن يكون لأمره( {[16363]} ) أو لملكه نهاية أو حد ، والوجه فيه ما ذكرنا .


[16360]:في الأصل وم: يشهدون.
[16361]:من م، في الأصل: النافع من الأشياء.
[16362]:في الأصل وم: قوله.
[16363]:الهاء ساقطة من الأصل وم.