التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلِكُلّٖ دَرَجَٰتٞ مِّمَّا عَمِلُواْۖ وَلِيُوَفِّيَهُمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (19)

ثم بين - سبحانه - مظهرا من مظاهر عدالته فى حكمه بين عباده فقال : { وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } .

والتنوين فى قوله { وَلِكُلٍّ } عوض عن المضاف إليه المحذوف ، والجار والجرور فى قوله { مِّمَّا عَمِلُواْ } صفة لقوله { دَرَجَاتٌ } ، و { مِّنَ } بيانية ، { مَّا } موصولة .

وقوله : { وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ } علة لمحذوف . . والمعنى : ولك فريق من الفريقين : فريق المؤمنين المعبر عنهم بقوله : - تعالى - : { أولئك الذين نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ . . } وفريق الكافرين المعبر عنهم بقوله - تعالى - : { أولئك الذين حَقَّ عَلَيْهِمُ القول } . لكل فريق من هؤلاء وهؤلاء { دَرَجَاتٌ } حاصلة من الذى عملوه من الخير والشر ، وقد فعل - سبحانه - ذلك معهم ، ليوفيهم جزاء أعمالهم .

{ وَهُمْ } جميعا { لاَ يُظْلَمُونَ } شيئا ، بل كل فريق منهم يجازى على حسب عمله . كما قال - تعالى - : { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلِكُلّٖ دَرَجَٰتٞ مِّمَّا عَمِلُواْۖ وَلِيُوَفِّيَهُمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (19)

وقوله : وَلِكُلَ دَرَجاتٌ مِمّا عَمِلُوا يقول تعالى ذكره : ولكلّ هؤلاء الفريقين : فريق الإيمان بالله واليوم الاَخر ، والبرّ بالوالدين ، وفريق الكفر بالله واليوم الاَخر ، وعقوق الوالدين اللذين وصف صفتهم ربنا عزّ وجلّ في هذه الاَيات منازل ومراتب عند الله يوم القيامة ، مما عملوا ، يعني من عملهم الذي عملوه في الدنيا من صالح وحسن وسيىء يجازيهم الله به . وقد :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَلِكُلّ دَرَجاتٌ مِمّا عَمِلُوا قال : درج أهل النار يذهب سفالاً ، ودرج أهل الجنة يذهب علوّا وَلِيُوَفّيَهُمْ أعمالَهُمْ يقول جلّ ثناؤه : وليعطي جميعهم أجور أعمالهم التي عملوها في الدنيا ، المحسن منهم بإحسانه ما وعد الله من الكرامة ، والمسيء منهم بإساءته ما أعدّه من الجزاء وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ يقول : وجميعهم لا يظلمون : لا يجازي المسيء منهم إلا عقوبة على ذنبه ، لا على ما لم يعمل ، ولا يحمل عليه ذنب غيره ، ولا يبخس المحسن منهم ثوابَ إحسانه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلِكُلّٖ دَرَجَٰتٞ مِّمَّا عَمِلُواْۖ وَلِيُوَفِّيَهُمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (19)

{ ولكل } من الفريقين . { درجات مما عملوا } مراتب من جزاء ما عملوا من الخير والشر ، أو من أجل ما عملوا وال { درجات } غالبة في المثوبة وها هنا جاءت على التغليب . { وليوفيهم أعمالهم } جزاءها ، وقرأ نافع وابن عامر وحمزة والكسائي وابن ذكوان بالنون . { وهم لا يظلمون } بنقص ثواب وزيادة عقاب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلِكُلّٖ دَرَجَٰتٞ مِّمَّا عَمِلُواْۖ وَلِيُوَفِّيَهُمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (19)

وقوله تعالى : { ولكل درجات } يعني المحسنين والمسيئين . قال ابن زيد : ودرجات المحسنين تذهب علواً ، ودرجات المسيئين تذهب سفلاً .

وقرأ أبو عبد الرحمن : «ولتوفيهم » بالتاء من فوق ، أي الدرجات . وقرأ جمهور الناس : «وليوفيهم » بالياء . وقرأ نافع بخلاف عنه ، وأبو جعفر وشيبة والأعرج وطلحة والأعمش : «ولنوفيهم » بالنون : قال اللؤلؤي في حرف أبي بن كعب وابن مسعود : «ولنوفينّهم » بنون أولى ونون ثانية مشددة ، وكل امرئ يجني ثمرة عمله من خير أو شر ولا يظلم في مجازاته ، بل يوضع كل أمر موضعه من ثواب أو عقاب .