التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱسۡتَمِعۡ يَوۡمَ يُنَادِ ٱلۡمُنَادِ مِن مَّكَانٖ قَرِيبٖ} (41)

ثم أمر - سبحانه - رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يلقى سمعه لما يخبره به - تعالى - من أهوال يوم القيامة فقال : { واستمع } والمستمع إليه محذوف للتهويل والتعظيم . . أى : واستمع - أيها الرسول الكريم - أو أيها العاقل - لما سأخبرك به من أهوال يوم القيامة .

ثم بين - سبحانه - ذلك فقال : { يَوْمَ يُنَادِ المناد مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } .

أى : استمع استماع تنبيه وتيقظ يوم يناد المناد وهو إسرافيل - عليه السلام - من كان قريب بحيث يسمع نداءه الناس جميعا . .

قال ابن كثير : قال قتادة : قال كعب الأحبار : يأمر الله ملكا أن ينادى على صخرة بيت المقدس : أيتها العظام البالية ، والأوصال المتقطعة ، إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء .

وفى ورود الأمر بالاستماع مطلقا ، ثم توضيحه بما بعده ، تهويل وتعظيم للمخبر به ، لما فى الإِبهام ، ثم التفسير ، من التهويل والتفخيم لشأن المحدث عنه .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱسۡتَمِعۡ يَوۡمَ يُنَادِ ٱلۡمُنَادِ مِن مَّكَانٖ قَرِيبٖ} (41)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مّكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصّيْحَةَ بِالْحَقّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : واستمع يا محمد صيحة يوم القيامة ، يوم ينادي بها منادينا من موضع قريب . وذُكر أنه ينادي بها من صخرة بيت المقدس . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ بن سهل ، قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، عن سعيد بن بشر ، عن قتادة ، عن كعب ، قال : وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِي المُنادِي مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ قال مَلك قائم على صخرة بيت المقدس ينادِي : أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء .

حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد عن قتادة وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِي المُنادِي مِنْ مَكانٍ قَرِيب قال : كنا نحدّث أنه ينادي من بيت المقدس من الصخرة ، وهي أوسط الأرض .

وحُدّثنا أن كعبا قال : هي أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلاً .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة يَوْمَ يُنادِي المُنادِي مِنْ مَكانٍ قَرِيب قال : بلغني أنه ينادي من الصخرة التي في بيت المقدس .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِي المُنادِي مِنْ مَكانٍ قَرِيب قال : هي الصيحة .

حدثني عليّ بن سهل ، قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، قال : ثني بعض أصحابنا ، عن الأغرّ ، عن مسلم بن حيان ، عن ابن بُريدة ، عن أبيه بريدة ، قال : مَلك قائم على صخرة بيت المقدس ، واضع أصبعيه في أُذنيه ينادي ، قال : قلتُ : بماذا ينادي ؟ قال : يقول يا أيها الناس هلموا إلى الحساب قال : فيقبلون كما قال الله كأنّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَٱسۡتَمِعۡ يَوۡمَ يُنَادِ ٱلۡمُنَادِ مِن مَّكَانٖ قَرِيبٖ} (41)

{ واستمع } لما أخبرك به من أحوال القيامة ، وفيه تهويل وتعظيم للمخبر به . { يوم يناد المناد } إسرافيل أو جبريل عليهما الصلاة والسلام فيقول : أيتها العظام البالية واللحوم المتمزقة والشعور المتفرقة إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء . { من مكان قريب } بحيث يصل نداؤه إلى الكل على سواء ، ولعله في الإعادة نظيركن في الإبداء ، ويوم نصب بما دل عليه يوم الخروج .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱسۡتَمِعۡ يَوۡمَ يُنَادِ ٱلۡمُنَادِ مِن مَّكَانٖ قَرِيبٖ} (41)

قوله تعالى : { واستمع } بمنزلة ، وانتظر ، وذلك أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يؤمر بأن يستمع في يوم النداء ، لأن كل من فيه يستمع وإنما الآية في معنى الوعيد للكفار ، وقيل لمحمد تحسس وتسمع هذا اليوم وارتقبه ، وهذا كما تقول لمن تعده بورود فتح استمع كذا وكذا ، أي كن منتظراً له مستمعاً ، وعلى هذا فنصب { يوم } إنما هو على المفعول الصريح .

وقرأ ابن كثير : «المنادي » بالياء في الوصل والوقف على الأصل الذي هو ثبوتها ، إذ الكلام غير تام وإنما الحذف ابداً في الفواصل ، والكلام التام تشبيهاً بالفواصل . وقرأ أبو عمرو ونافع ، بالوقف بغير ياء لأن الوقف موضع تغيير ، ألا ترى أنها تبدل من التاء فيه الهاء في نحو طلحة وحمزة ، ويبدل من التنوين الألف ويضعف فيه الحرف كقولك هذا فرج ، ويحذف فيه الحرف في القوافي ، وقرأ الباقون وطلحة والأعمش وعيسى بحذف الياء في الوصل والوقف جميعاً وذلك اتباع لخط المصحف ، وأيضاً فإن الياء تحذف مع التنوين فوجب أن تحذف مع معاقب التنوين وهي الألف واللام .

وقوله تعالى : { من مكان قريب } قيل وصفه بالقرب من حيث يسمع جميع الخلق . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم : «أن ملكاً ينادي من السماء : أيتها الأجسام الهامدة والعظام البالية والرمم الذاهبة ، هلم إلى الحساب والوقوف بين يدي الله تعالى »{[10574]} . وقال كعب الأحبار وقتادة وغيرهما : المكان صخرة بيت المقدس واختلفوا في معنى صفته بالقرب فقال قوم : وصفها بذلك لقربها من النبي صلى الله عليه وسلم أي من مكة . وقال كعب الأحبار : وصفه بالقرب من السماء ، وروي أنها أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلاً ، وهذا الخبر إن كان بوحي ، وألا سبيل للوقوف على صحته .


[10574]:أخرجه ابن عساكر، والواسطي في (فضائل بيت المقدس)، عن يزيد بن جابر، في قوله تعالى:{واستمع يوم ينادي المنادي}، وفيه أن الملك هو إسرافيل، وأخرج مثله ابن جرير عن كعب.(الدر المنثور).