التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِن تَعُدُّواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ لَا تُحۡصُوهَآۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَفُورٞ رَّحِيمٞ} (18)

ثم ذكرهم - سبحانه - بنعمه على سبيل الإِجمال ، بعد أن فصل جانباً منها فى الآيات السابقة فقال - تعالى - { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ الله لاَ تُحْصُوهَآ } .

والمراد بالنعمة هنا جنسها ، الذى يشمل كل نعمه ، لأن لفظ العدد والإِحصاء قرينة على ذلك ، وعلماء البيان يعدون استعمال المفرد فى معنى الجمع اعتمادا على القرينة - من أبلغ الأساليب الكلامية .

أى : وإن تعدوا نعمة الله - تعالى - التى أنعمها عليكم ، فى أنفسكم ، وفيما سخره لكم لا تستطيعون حصر هذه النعم لكثرتها ولتنوعها .

وما دام الأمر كذلك فاشكروه عليها ما استطعتم ، وأخلصوا له العبادة والطاعة .

وقوله : { إِنَّ الله لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } استئناف قصد به فتح باب الأمل أمامهم لكى يتداركوا ما فرط منهم من جحود وتقصير فى حقه - سبحانه - .

أى : إن الله - تعالى - لغفور لعباده على ما فرط منهم متى تابوا إليه توبة نصوحا ، رحيم بهم ، حيث لم يؤاخذهم بذنوبهم . بل منحهم نعمه مع تقصيرهم فى شكره - تعالى .

قال ابن كثير - رحمه الله - قوله : " { إِنَّ الله لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } أى يتجاوز عنكم ، ولو طالبكم بشكر جميع نعمه لعجزتم عن القيام بذلك ، ولو أمركم به لضعفتم وتركتم ، ولو عذبكم لعذبكم وهو غير ظالم لكم ، ولكنه غفور رحيم ، يغفر الكثير ، ويجازى على اليسير " .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِن تَعُدُّواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ لَا تُحۡصُوهَآۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَفُورٞ رَّحِيمٞ} (18)

وقوله : وَإنْ تَعُدّوا نِعْمَةَ اللّهِ لا تُحْصُوها لا تطيقوا أداء شكرها . إنّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ يقول جلّ ثناؤه : إن الله لغفور لما كان منكم من تقصير في شكر بعض ذلك إذا تبتم وأنبتم إلى طاعته واتباع مرضاته ، رحيم بكم أن يعذّبكم عليه بعد الإنابة إليه والتوبة .