التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّمَآ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَأَوۡلَٰدُكُمۡ فِتۡنَةٞۚ وَٱللَّهُ عِندَهُۥٓ أَجۡرٌ عَظِيمٞ} (15)

وقوله - تعالى - : { إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ } تعميم بعد تخصيص ، وتأكيد التحذير الذى اشتملت عليه الآية السابقة .

والمراد بالفتنة هنا : ما يفتن الإنسان ويشغله ويلهيه عن المداومة على طاعة الله - تعالى - .

أى : إن أموالكم وأولادكم - أيها المؤمنون - على رأس الأمور التى تؤدى المبالغة والمغالاة فى الاشتغال بها ، إلى التقصير فى طاعة الله - تعالى - ، وإلى مخالفة أمره . والإخبار عنهم بأنهم { فِتْنَةٌ } للمبالغة ، والمراد أنهم سبب للفتنة أى : لما يشغل عن رضاء الله وطاعته ، إذا ما جاوز الإنسان الحد المشروع فى الاشتغال بهما .

قال الآلوسى : قوله - تعالى - { إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ } أى : بلاء ومحنة ، لأنهم يترتب عليهم الوقوع فى الإثم والشدائد الدنيوية وغير ذلك . وفى الحديث . يؤتى بالرجل يوم القيامة ، فيقال : أكل عياله حسناته .

وأخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذى . . . عن بريدة قال . كان النبى - صلى الله عليه وسلم - يخطب ، فأقبل الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل صلى الله عليه وسلم من فوق المنبر ، فحملهما . . . ثم صعد المنبر فقال : صدق الله إذ يقول : { إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ } ، إنى لما نظرت إلى هذين الغلامين يمشيان ويعثران ، لم أصبر أن قطعت كلامى ، ونظرت إليهما .

وقال الجمل : قال الحسن فى قوله - تعالى - : { إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ } أدخل - سبحانه - { مِنْ } للتبعيض ، لأنهم كلهم ليسوا بأعداء ، ولم يذكر { مِنْ } فى قوله { إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ } ، لأنهما لا يخلوان من الفتنة ، واستغال القلب بهما ، وقدم الأموال على الأولاد ، لأن الفتنة بالمال أكثر . وترك ذكر الأزواج فى الفتنة ، لأن منهن من يكن صلاحا وعونا على الآخرة .

وقوله - سبحانه - : { والله عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } معطوف على جملة { إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ } .

أى : والله - تعالى - عنده أجر عظيم ، لمن آثر محبة الله - تعالى - وطاعته ، على محبة الأزواج والأولاد والأموال .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّمَآ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَأَوۡلَٰدُكُمۡ فِتۡنَةٞۚ وَٱللَّهُ عِندَهُۥٓ أَجۡرٌ عَظِيمٞ} (15)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ * فَاتّقُواْ اللّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ وَأَنْفِقُواْ خَيْراً لأنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحّ نَفْسِهِ فَأُوْلََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ما أموالكم أيها الناس وأولادكم إلا فتنة ، يعني بلاء عليكم في الدنيا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : إنّما أمْوالُكُمْ وأوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ يقول : بلاء .

وقوله : وَاللّهُ عِنْدَهُ أجْرٌ عَظِيمٌ يقول : والله عند ثواب لكم عظيم ، إذا أنتم خالفتم أولادكم وأزواجكم في طاعة الله ربكم ، وأطعتم الله عزّ وجلّ ، وأدّيتم حقّ الله في أموالكم ، والأجر العظيم الذي عند الله الجنة ، كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَاللّهُ عنْدَهُ أجْرٌ عَظِيمٌ وهي الجنة .