التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{وَلَقَدۡ أَرَيۡنَٰهُ ءَايَٰتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ} (56)

وقوله - تعالى - : { وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وأبى } بيان للموقف الجحودى الذى وقفه فرعون من الحجج والمعجزات التى طرحها أمامه موسى - عليه السلام - .

واريناه : من الرؤية البصرية المتعدية إلى مفعول واحد فلما دخلت عليها الهمزة تعدت إلى اثنين أولهما الهاء والثانى آياتنا .

والإضافة فى { آيَاتِنَا } قائمة مقام التعريف العهدى . أى : آياتنا المعهودة لموسى ، والتى على رأسها اليد والعصا .

والمعنى : ولقد أرينا فرعون بعينيه آياتنا كلها الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا وصدق نبينا موسى ، فكانت نتيجة ذلك أن كذب بها ، وأبى أن يستجيب للحق . .

كما قال - تعالى - : { وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } وكما قال - سبحانه - : { فَلَمَّا جَآءَهُم بِآيَاتِنَآ إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ } والآية الكريمة تؤكد جحود فرعون وطغيانه بجملة من المؤكدات ، وهى لام القسم ، وقد ، والرؤية البصرية ، ولفظ " كل " الدال على الشمول والإحاطة .

والفاء فى قوله { فَكَذَّبَ } للتعقيب ، أى : فكذب بدون تريث أو تمهل .

والمفعول محذوف . أى : فكذب الآيات أو فكذب موسى بدون تردد أو تأخير .

والتعبير بقوله { فَكَذَّبَ وأبى } لزيادة ذمه وتحقير شأنه . لأنه لم يكتف بالتكذيب بل أضاف إلى ذلك الامتناع عن قبول الآيات ، والجحود لها ، والتعالى على من جاء بها كما ينبىء عنه قوله : - تعالى - بعد ذلك : { قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ ياموسى }