غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَقَدۡ أَرَيۡنَٰهُ ءَايَٰتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ} (56)

قوله عز وعلا : { ولقد أريناه آياتنا } أي عرفناه صحتها . ثم إن كان التعريف يستلزم حصول المعرفة فيكون كفره كفر جحود وعناد كقوله : { وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم } [ النمل : 14 ] وإلا كان كفر جهالة وضلالة . سؤال الجمع المضاف يفيد العموم ولاسيما إذا أكد بالكل ، لكنه تعالى ما أراه جميع الآيات لأن من جملتها ما أظهرها على الأنبياء الأقدمين ولم يتفق لموسى مثلها . الجواب هذا التعريف الإضافي محذوّ به حذو التعريف العهدي لو قيل الآيات كلها وهي التي ذكرت في قوله :

{ ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات } [ الإسراء : 101 ] ولو سلم العموم فالمراد أنه أراه الآيات الدالة على التوحيد في قوله : { ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه } وعلى النبوة بإظهار المعجزات القاهرة وعلى المعاد لأن تسليم القدرة على الإنشاء يستلزم تسليم القدرة على الإعادة بالطريق الأولى ، أو أراد أنه أراه آياته المختصة به وعدد عليه سائر آيات الأنبياء وإخبار النبي الصادق جارٍ مجرى العيان ، أو إراءة بعض الآيات كإراءة الكل كما أن تكذيب بعض الآيات يستلزم تكذيب الكل كما قال : { فكذب } أي الآيات كلها { وأبى } قول الحق . قال القاضي : الإباء الامتناع وإنه لا يوصف به إلا من يتمكن من الفعل والترك وإلا لم يتوجه الذم . وجواب الأشاعرة أنه لا يسأل عما يفعل .

/خ37