فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَلَقَدۡ أَرَيۡنَٰهُ ءَايَٰتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ} (56)

{ وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آَيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى { 56 ) قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى { 57 ) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى { 58 ) قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى { 59 ) فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى { 60 ) قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى { 61 ) فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى { 62 ) قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى { 63 ) فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى { 64 ) قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى { 65 ) قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى { 66 ) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى { 67 ) قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى { 68 ) }

{ أبى } امتنع .

اللام للقسم ، وقد للتحقيق في { ولقد } ، فكأن المعنى : وقسما قد أرينا فرعون من حججنا وبراهين اقتدارنا ما يكفي للبرهان ، ويثبت به الدليل والسلطان ، فلم يصدق بمدلولها ، ولم يذعن بل عامد في الإقرار بها ؛ سؤال : الجمع المضاف يفيد العموم ولاسيما إذا أكد بالكل [ يقصد قول الحق سبحانه : { آياتنا كلها } ] لكنه تعالى ما أراه جميع الآيات ، لأن من جملتها ما أظهرها على الأنبياء الأقدمين ، ولم يتفق لموسى مثلها ؟ ؛ الجواب : هذا التعريف الإضافي محذو به حذو التعريف العهدي لو قيل : الآيات كلها هي التي ذكرت في قوله : { ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات . . ){[2022]} ؛ ولو سلم العموم فالمراد أنه أراه الآيات الدالة على التوحيد في قوله : { ربنا أعطى كل شيء خلقه . . } وعلى النبوة بإظهار المعجزات القاهرة ، وعلى المعاد لأن تسليم القدرة على الإنشاء يستلزم تسليم القدرة على الإعادة بالطريق الأولى ؛ أو أراد أنه أراه آياته المختصة به وعدد عليه سائر آيات الأنبياء وإخبار النبي الصادق جار مجرى العيان ، أو إراءة بعض الآيات كإراءة الكل ، كما أن تكذيب بعض الآيات يستلزم تكذيب الكل {[2023]} .


[2022]:سورة الإسراء. من الآية101.
[2023]:ما بين العارضتين من تفسير غرائب القرآن؛ بتصرف.