التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{وَمَا يَأۡتِيهِم مِّن ذِكۡرٖ مِّنَ ٱلرَّحۡمَٰنِ مُحۡدَثٍ إِلَّا كَانُواْ عَنۡهُ مُعۡرِضِينَ} (5)

ثم بين - سبحانه - ما عليه هؤلاء الكافرون من صلف وجحود فقال : { وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرحمن مُحْدَثٍ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهُ مُعْرِضِينَ } .

أى : ولقد بلغ الجحود والجهل بهؤلاء الكافرين ، أنهم كلما جاءهم قرآن محدث تنزيله على نبيهم صلى الله عليه وسلم ومتجدد نزوله عليه صلى الله عليه وسلم أعرضوا عنه إعراضا تاما .

وعبر عن إعراضهم بصيغة النفى والاستثناء التى هى أقوى أدوات القصر ، للإشارة إلى عتوهم فى الكفر والضلال ، وإصرارهم على العناد والتكذيب .

وفى ذكر اسم الرحمن هنا : إشارة إلى عظيم رحمته - سبحانه - بإنزال هذا الذكر ، وتسجيل لأقصى دركات الجهالة عليهم ، لأنهم أعرضوا عن الهداية التى أنزلها الرحمن الرحيم لسعادتهم ، وحرموا أنفسهم مها وهم أحوج الناس إليها .

و { مِّنَ } الأولى لتأكيد عموم إعراضهم ، والثانية لابتداء الغاية ، وجملة { إِلاَّ كَانُواْ عَنْهُ مُعْرِضِينَ } حالية .