التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{قَالَتۡ إِنَّ ٱلۡمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرۡيَةً أَفۡسَدُوهَا وَجَعَلُوٓاْ أَعِزَّةَ أَهۡلِهَآ أَذِلَّةٗۚ وَكَذَٰلِكَ يَفۡعَلُونَ} (34)

وهنا يحكى لنا القرآن الكريم ما كانت عليه تلك المرأة من دهاء وكياسة ، وإيثار للسلم على الحرب ، واللين على الشدة ، فقال - تعالى - : { قَالَتْ إِنَّ الملوك } من شأنهم أنهم { إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً } من القرى . أو مدينة من المدن ، بعد تغلبهم على أهلها عن طريق الحرب والقتال . . . { أَفْسَدُوهَا } أى : أشاعا فيها الفساد والخراب والدمار .

وفوق كل ذلك : { وجعلوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَآ أَذِلَّةً } أى : أهانوا أشرافها ورؤساءها ، وجعلوهم أذلة بعد أن كانوا أعزة .

ليكونوا عبرة لغيرهم .

{ وكذلك يَفْعَلُونَ } أى : وهذه هى عادتهم التى يفعلونها عند دخولهم قرية من القرى ، عن طريق القهر والقسر والقتال .

والمقصود من قولها هذا : التلويح لقومها بأن السلم أجدى من الحرب ، وأن الملاينة مع سليمان - عليه السلام - أفضل من المجابهة والمواجهة بالقوة .