فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قَالَتۡ إِنَّ ٱلۡمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرۡيَةً أَفۡسَدُوهَا وَجَعَلُوٓاْ أَعِزَّةَ أَهۡلِهَآ أَذِلَّةٗۚ وَكَذَٰلِكَ يَفۡعَلُونَ} (34)

{ قَالَتْ إِنَّ الملوك إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا } أي إذا دخلوا قرية من القرى خرّبوا مبانيها ، وغيروا مغانيها ، وأتلفوا أموالها ، وفرّقوا شمل أهلها { وَجَعَلُواْ أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً } أي أهانوا أشرافها ، وحطوا مراتبهم ، فصاروا عند ذلك أذلة ، وإنما يفعلون ذلك لأجل أن يتمّ لهم الملك ، وتستحكم لهم الوطأة ، وتتقرّر لهم في قلوبهم المهابة . قال الزجاج : أي إذا دخلوها عنوة عن قتال وغلبة ، والمقصود من قولها هذا تحذير قومها من مسير سليمان إليهم ، ودخوله بلادهم ، وقد صدقها الله سبحانه فيما قالت ، فقال سبحانه : { وكذلك يَفْعَلُونَ } أي مثل ذلك الفعل يفعلون . قال ابن الأنباري : الوقف على قوله : { وَجَعَلُواْ أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً } وقف تام ، فقال الله عزّ وجلّ تحقيقاً لقولها { وكذلك يَفْعَلُونَ } ، وقيل هذه الجملة من تمام كلامها ، فتكون من جملة مقول قولها ، وعلى القول الأوّل تكون هذه الجملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب .

/خ40