الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{قَالَتۡ إِنَّ ٱلۡمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرۡيَةً أَفۡسَدُوهَا وَجَعَلُوٓاْ أَعِزَّةَ أَهۡلِهَآ أَذِلَّةٗۚ وَكَذَٰلِكَ يَفۡعَلُونَ} (34)

لما أحست منهم الميل إلى المحاربة ، رأت من الرأي الميل إلى الصلح والابتداء بما هو أحسن ، ورتبت الجواب ، فزيفت أولاً ما ذكروه وأرتهم الخطأ فيه ب { إِنَّ الملوك إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً } عنوة وقهراً { أَفْسَدُوهَا } أي خرّبوها - ومن ثمة قالوا للفساد : الخربة - ، وأذلوا أعزتها ، وأهانوا أشرافها ؛ وقتلوا وأسروا ، فذكرت لهم عاقبة الحرب وسوء مغبتها ثم قالت : { وكذلك يَفْعَلُونَ } أرادت : وهذه عادتهم المستمرة الثابتة التي لا تتغير ، لأنها كانت في بيت الملك القديم ، فسمعت نحو ذلك ورأت ، ثم ذكرت بعد ذلك حديث الهدية وما رأت من الرأي السديد . وقيل : هو تصديق من الله لقولها ، وقد يتعلق الساعون في الأرض بالفساد بهذه الآية ويجعلونها حجة لأنفسهم . ومن استباح حراماً فقد كفر ، فإذا احتج له بالقرآن على وجه التحريف فقد جمع بين كفرين .