التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{فَأَمَّا عَادٞ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَقَالُواْ مَنۡ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةًۖ أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمۡ هُوَ أَشَدُّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗۖ وَكَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يَجۡحَدُونَ} (15)

ثم فصل - سبحانه - بعد ذلك حال كل فريق منهم ، وبين ما نزل به من عذاب مهين فقال : { فَأَمَّا عَادٌ فاستكبروا فِي الأرض بِغَيْرِ الحق وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً . . . } .

أى : هذا هو قولهم على سبيل الإجمال لرسلهم ، وإليك جانبا من حال قوم عاد ، ومن أقوالهم الباطلة .

إنهم قد استكبروا فى الأرض بغير الحق . واغتروا بما بين أيديهم من نعم ، وقالوا على سبيل التباهى والتفاخر والتكبر : من أشد منا قوة .

وقيد استكبارهم فى الأرض بأنه بغير الحق . لبيان واقعهم ، حيث كانوا كما وصفهم الله - تعالى - فى آيات أخرى متجبرين متعالين على غيرهم ، ومن ذلك قوله - تعالى : { أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ . وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ . وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ } الاستفهام فى قوله - تعالى - الذى حكاه عنهم { مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } للإنكار والنفى .

أى : لا أحد أقوى منا ، فنحن فى استطاعتنا أن ندفع كل عذاب ينزل بنا ، وهذا هو الشعور الكاذب الذى يشعر به الطغاة الجاهلون فى كل زمان ومكان .

وقد رد الله - تعالى - عليهم وعلى أمثالهم ردا منطقيا حكيما يخرس ألسنتهم فقال : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ الله الذي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ } .

أى : اعموا وصموا عن الحق ، ولم يعلموا أن الله - تعالى - الذى أجدهم من العدم ، هو - سبحانه - أشد منهم قوة وبأسا .

إنهم لغرورهم وجهالاتهم نسوا كل ذلك ، وكانوا بآياتنا الدالة على قدرتنا ووحدانيتنا يجحدون ، ويعاندون وينكرون الحق الذى جاءتهم به رسلهم .