الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{فَلَنُذِيقَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَذَابٗا شَدِيدٗا وَلَنَجۡزِيَنَّهُمۡ أَسۡوَأَ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (27)

وقوله تعالى : { فَلَنُذِيقَنَّ الذين كَفَرُواْ عَذَاباً شَدِيداً } الآية ، قوله : { فَلَنُذِيقَنَّ } : الفاء دخلَتْ على لام القسم ، وهي آيةُ وعيدٍ لقريشٍ ، والعذابُ الشديدُ : هو عذابُ الدنيا في بَدْرٍ وغيرها ، والجزاء بأسوأ أعمالهم هو عذابُ الآخرة .

( ت ) : حَدَّثَ أبو عُمَرَ في كتاب «التمهيد » قال : ( حدَّثنا أحمد بن قَاسِمٍ ، قال : حدَّثنا محمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، قال : حدَّثنا إبراهيمُ بْنُ موسَى بْنِ جَمِيلٍ ، قال : حدَّثنا عبد اللَّه بن محمَّد بن أبي الدنيا ، قال : حدثنا العَتَكِيُّ . قال : حدثنا خالد أبو يزيد الرَّقِّيُّ عن يحيى المَدَنِيِّ ، عن سالِم بْنِ عبد اللَّه عن أبيه قال : خرجْتُ مرةً ، فمررْتُ بِقَبْرٍ مِنْ قُبُورِ الجاهِلِيَّةِ ، فإذا رجلٌ قد خرج من القَبْرِ ، يَتَأَجَّجُ ناراً ، في عُنُقِهِ سلسلةٌ ، ومعي أدَاوَةٌ مِنْ مَاءٍ ، فَلَمَّا رآني قال : يَا عَبْدَ اللَّهِ ، اسقني ، قال : فَقُلْتُ : عَرِّفْنِي ، فَدَعَانِي باسمي ، أو كلمة تقولها العَرَبُ : يِا عَبْدِ اللَّهِ ، إذْ خَرَجَ على أَثَرِهِ رَجُلٌ من القَبْرِ ، فقال : يَا عَبْدَ اللَّهِ ، لاَ تَسْقِهِ ، فَإنَّهُ كَافِرٌ ، ثُمَّ أَخَذَ السِّلْسِلَةَ فاجتذبه ، فَأَدْخَلَهُ القَبْرَ ، قال : ثم أَضَافَنِي اللَّيْلَ إلى بَيْتِ عَجُوزٍ ، إلى جَانِبِهَا قَبْرٌ ، فسمعْتُ مِنَ القَبْرِ صَوْتاً يَقُولُ : بَوْلٌ وَمَا بَوْلٌ ، شَنٌّ وَمَا شَنٌّ ، فقلتُ للعَجُوزِ : ما هذا ؟ قالَتْ : كَانَ زَوْجاً لِي ، وكان إذَا بَالَ لَمْ يَتَّقِ البَوْلَ ، وكُنْتُ أَقُولُ لَهُ : وَيْحَك ! إنَّ الجَمَلَ إذَا بَالَ تَفَاجّ ، وكان يأبى ، فهو يُنَادِي من يَوْم مَاتَ : بَوْلٌ وَمَا بَوْلٌ ، قلتُ : فما الشَّنُّ ؟ قالت : جاء رجلٌ عطشانُ فقال : اسقنيا فقال : دُونَكَ الشَّنَّ ، فإذا لَيْسَ فيه شَيْءٌ ؛ فخَرَّ الرَّجُلُ مَيِّتاً ، فهُو ينادي مُنْذُ ماتَ : شَنٌّ وَمَا شنٌّ ، فلما قَدِمْتُ على رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أخبرتُهُ ، فنهى : أَنْ يُسَافِرَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ ) . قال أبو عمر : هذا الحديث في إسناده مجهولُونَ ، ولم نُورِدْهُ لِلاحتجاجِ به ؛ ولكنْ لِلاعتبار ، وما لم يكنْ حكم ، فقد تسامح الناسُ في روايته عن الضعفاء ، انتهى من ترجمة عبد الرحمن بن حَرْمَلَةَ ، وكلامه على قول النبي صلى الله عليه وسلم : " الشَّيْطَانُ يَهُمُّ بِالْوَاحِدِ وَالاِثْنَيْنِ ، فَإذَا كَانُوا ثَلاَثَةً لَمْ يَهُمَّ بِهِمْ " وقد ذكرنا الحكاية الأولى عن الوَائِليِّ في سورة { اقرأ باسم رَبِّكَ } بغير هذا السند ، وأَنَّ الرجُلَ الأَوَّلَ هو أبو جَهْلٍ ، انتهى .