وقوله تعالى : { وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ } يحتمل أنْ يكون من كلام الجلود ، ويحتمل أنْ يكون من كلام اللَّه عز وجل ، وجمهور الناس على أَنَّ المراد بالجلود الجلودُ المعروفةُ ، وأمَّا معنى الآية فيحتمل وجهين :
أحدهما : أن يريد وما كنتم تَتَصَاونُونَ وتَحْجِزُونَ أَنْفُسَكُمْ عن المعاصي والكُفْر ؛ خوفَ أَنْ يشهد ، أو لأَجْلِ { أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ } الآية ، وهذا هو منحى مجاهد ، والمعنى الثاني أنْ يريد : وما يمكنكم ولاَ يسَعُكُمْ الاخْتفاءُ عن أَعْضَائِكُمْ ، والاستتارُ عنها بكُفْرِكُمْ ومعاصيكم ، وهذا هو مَنْحَى السُّدِّيِّ ، وعن ابن مسعود قال : " إِنِّي لمستترٌ بأستارِ الكعبةِ ، إذْ دَخَلَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ : قُرَشِيَّانِ وَثَقَفِيٌّ أَوْ ثَقَفِيَّانِ وقُرَشِيٌّ ، قَلِيلٌ فِقْهُ قُلوبِهِمْ ، كَثِيرٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ ، فَتَحَدَّثُوا بِحَدِيثٍ ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ : أَترَى اللَّهَ يَسْمَعُ مَا قُلْنَا ؟ فَقَالَ الآخَرُ : يَسْمَعُ إذَا رفَعْنَا ، وَلا يَسْمَعُ إذَا أَخْفَيْنَا ، وَقَالَ الآخَرُ : إنْ كَانَ يَسْمَعُ مِنْهُ شَيْئاً فَإنَّهُ يَسْمَعُهُ كُلَّهُ ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ فَنَزَلَتْ هذه الآيةُ : { وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ } ، وقرأ حتى بلغ : { وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَا هُم مِّنَ المعتبين } " . قال الشيخ أبو محمَّدِ بْنُ أبي زَيْدٍ في آخر : مُخْتَصَرِ المُدَوَّنَةِ له : واعلم أنَّ الأجساد التي أطاعت أو عصت ، هي التي تُبْعَثُ يومَ القيامة لتجازى ، والجلودُ التي كانَتْ في الدنيا ، والألسنةُ ، والأيْدِي ، والأرجُلُ هي التي تشهد عليهم يوم القيامة على مَنْ تشهَدُ ، انتهى .
قال القرطبيُّ في «تذكرته » : واعلم أَنَّ عند أهل السنة أَنَّ تلك الأجسادَ الدُّنْيَوِيَّةَ تُعَادُ بأعيانها وأعراضِهَا بلا خلافٍ بينهم في ذلك ، انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.