الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{كَلَّا بَلۡ تُحِبُّونَ ٱلۡعَاجِلَةَ} (20)

وقوله تعالى : { كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ العاجلة } أي : الدنيا وشهواتِها ؛ قال الغزاليُّ في «الإحياء » : اعلم أَنَّ رأس الخطايا المهلكة هو حُبُّ الدنيا ، ورأسَ أسبابِ النجاة هو التجافي بالقلب عن دار الغرور ، وقال رحمه اللَّه : اعلم أَنَّهُ لا وصولَ إلى سعادة لقاء اللَّه سبحانه في الآخرة إلاَّ بتحصيل محبته والأُنْسِ به في الدنيا ، ولا تحصلُ المحبة إلاَّ بالمعرفة ، ولا تحصل المعرفةُ إلاَّ بدوام الفكر ، ولا يحصل الأُنْسُ إلاَّ بالمحبة ودوام الذكر ، ولا تتيسر المواظبة على الذكر والفكر إلاَّ بانقلاع حُبِّ الدنيا من القلب ، ولا ينقلع ذلك إلاَّ بترك لَذَّاتِ الدنيا وشهواتها ، ولا يمكن تركُ المشتهيات إلاَّ بقمع الشهوات ، ولا تَنْقَمِعُ الشهواتُ بشيء كما تنقمعُ بنار الخوف المُحْرِقَة لِلشهوات ، انتهى . وقرأ ابن كثير وغيره : ( يُحِبُّونَ ) .

{ ويَذَرُونَ } بالياء على ذكر الغائب .