غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{كَلَّا بَلۡ تُحِبُّونَ ٱلۡعَاجِلَةَ} (20)

1

{ لا تحرك به لسانك } ورتب على ذم الاستعجال قوله { كلا بل تحبون العاجلة } ومنها أنه لما قال { ولو ألقى معاذيره } وكان النبي صلى الله عليه وسلم يظهر التعجيل في القراءة خوف النسيان قيل له : إنك وإن أتيت بهذه المعذرة لكنك يجب أن تعلم أن الحفظ لا يحصل إلا بتوفيق الله وإعانته فاترك هذا التعجيل واعتمد على هدايتنا ، ولا تستعن في طلب الحفظ بالتكرار ، وفيه أن الكافر كان يفر من الله إلى غيره حين قال { أين المفر } فعلى المؤمن أن يضاده ويفر من غير الله إلى الله ولا يستعين في كل أموره إلا به . ومنها أنه تعالى كأنه قال : يا محمد إن غرضك من هذا هو التبليغ لكنه لا حاجة إليه فإن الإنسان على نفسه بصيرة يعرف قبح الكفر مهما رجع إلى نفسه . وقال القفال : يجوز أن يكون المخاطب بهذا هو الإنسان المذكور في قوله { ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر } كأنه حين عرض كتابه يقال له { اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً } [ الإسراء :14 ] فإذا أخذ في القراءة ينبأ بقبح أعماله فيتلجلج لسانه من الفزع ويسرع له القراءة فيقال له { لا تحرك به لسانك لتعجل به } فإنه يجب علينا بحكم الوعد والحكمة أن نجمع أعمالك عليك وأن نقرأها عليك ، فإذا قرأناه عليك فاتبع قرآنه بالاعتراف والإقرار ، ثم أن علينا بيان أمره وشرح مراتب عقوبته . قوله سبحانه . { كلا بل تحبون } قال بعضهم : هو بمعنى حقاً . وقال جار الله : هو ردع لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن عادة العجلة وحيث له على الأناة والتؤدة وقد بالغ في ذلك باتباعه قوله { بل تحبون العاجلة } كأنه قيل : بل أنتم يا بني آدم خلقتم من عجل تعجلون في كل شيء ، ومن ثم تحبون الدنيا .

/خ40