فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{إِلَّآ ءَالَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمۡ أَجۡمَعِينَ} (59)

فإن قلت قوله تعالى : { إِلا ءالَ لُوطٍ } استثناء متصل أو منقطع ؟ قلت ، لا يخلو من أن يكون استثناء من قوم ، فيكون منقطعاً ؛ لأنّ القوم موصوفون بالإجرام ، فاختلف لذلك الجنسان وأن يكون استثناء من الضمير في مجرمين ، فيكون متصلاً ، كأنه قيل : إلى قوم قد أجرموا كلهم إلا آل لوط وحدهم ، كما قال { فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مّنَ المسلمين } [ الذاريات : 36 ] . فإن قلت : فهل يختلف المعنى لاختلاف الاستثناءين ؟ قلت : نعم ، وذلك أنّ آل لوط مخرجون في المنقطع من حكم الإرسال ، وعلى أنهم أرسلوا إلى القوم المجرمين خاصة ، ولم يرسلوا إلى آل لوط أصلاً . ومعنى إرسالهم إلى القوم المجرمين ، كإرسال الحجر أو السهم إلى المرميّ . في أنه في معنى التعذيب والإهلاك ، كأنه قيل : إنا أهلكنا قوماً مجرمين ، ولكن آل لوط أنجيناهم . وأمّا في المتصل فهم داخلون في حكم الإرسال ، وعلى أن الملائكة أرسلوا إليهم جميعاً ليهلكوا هؤلاء وينجوا هؤلاء ، فلا يكون الإرسال مخلصاً بمعنى الإهلاك والتعذيب كما في الوجه الأوّل . فإن قلت : فقوله { إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ } بم يتعلق على الوجهين ؟ قلت : إذا انقطع الاستثناء جرى مجرى خبر «لكنّ » في الاتصال بآل لوط ، لأنّ المعنى . لكن آل لوط منجون ، وإذا اتصل كان كلاماً مستأنفاً ، كأنّ إبراهيم عليه السلام قال لهم فما حال آل لوط ، فقالوا : إنا لمنجوهم .