قوله " إلا آل لُوطٍ " فيه وجهان :
أحدهما : أنه استثناء متصل على أنه مسثنى من الضمير المستكن في : " مُجرمِينَ " بمعنى أجرموا كلهم إلاَّ آل لوطٍ ؛ فإنَّهم لم يجرموا ، ويكون قولهم " إنَّا لمنجوهم " استئناف إخبار بنجاتهم ، لكنهم لم يجرموا{[19578]} ولكن الإرسال حينئذ شاملاً للمجرمين ولآل لوط لإهلاك أولئك وإنجاء هؤلاء .
والثاني : أنه اسثناء منقطع ؛ لأن آل لوط لم يندرجوا في المجرمين ألبتَّة .
قال أبو حيان : وإذا كان استثناء منقطعاً ، فهو مما يجبُ فيه النصب ؛ لأنه من الاستثناء الذي لا يمكن توجيه العامل إلى المستثنى منه ؛ لأنهم لم يرسلوا إليهم ، إنما أرسلوا إلى القوم المجرمين خاصَّة ، ويكون قوله : " إنَّا لمُنجَّوهُمْ " جَرَى مَجْرى خبر لكن في اتِّصاله ب " آل لوطٍ " ؛ لأن المعنى : لكنَّ آل لوط منجوهم ، وقد زعم بعض النحويين في الاستثناء المنقطع المقدَّر بلكن ، إذ لم يكن بعده ما يصحُّ أن يكون خبراً : أنَّ الخبر محذوف ، وأنه في موضع رفع لجريان : " إلاَّ " ، وتقديرها ب " لَكِن " .
قال شهابُ الدِّين{[19579]} : " وفيه نظرٌ ؛ لأن قوله لا يتوجه إليه العامل أي : لا يمكن ، نحو : ضحك القوم إلا حمارهم ، وصهلت الخيلُ إلا الإبل . وأمَّا هذا ، فيمكن الإرسال إليهم من غير منع ، وأمَّا قوله : لأنهم لم يرسلوا إليهم فصحيح ؛ لأنَّ حكم الاستثناء كلَّه هكذا ، وهو أن يكون خارجاً عمَّا حكم به على الأوَّل ، لكنَّه لو سلط عليه لصحَّ ذلك بخلاف ما تقدَّم من أمثلتهم " .
قوله : { إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ } قرأ الأخوان{[19580]} : " لمُنْجُوهمْ " مخففاً ؛ وكذلك خففا أيضاً فعل هذه الصيغة في قوله تعالى في العنكبوت { لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ } [ العنكبوت : 32 ] ؛ وكذلك خففا أيضاً قوله فيها : { إِنَّا مُنَجُّوكَ } [ العنكبوت : 33 ] فهما جاريتان على سننٍ واحدٍ .
وقد وافقهما ابن كثير ، وأبو بكر على تخفيف : " مُنجوكَ " كأنهما جمعا بَيْنَ اللغتين ، وباقي السبعة بتشديد الكل . والتخفيف والتشديد لغتان مشهورتان من : نَجَّى وأنْجى ، وأنزلَ ، ونزَّل ، وقد نطق بفعلهما ، قال : { فَلَمَّا نَجَّاهُمْ } [ العنكبوت : 65 ] وفي موضع { أَنجَاهُمْ } [ يونس : 23 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.