فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{قَالَ رَبِّ ٱشۡرَحۡ لِي صَدۡرِي} (25)

{ قال رب اشرح لي صدري . ويسر لي أمري )

دعا موسى ربه أن يوسع له ما كان يحس في قلبه ضيق ، ويشهد لذلك ما جاء في آية كريمة : { ويضيق صدري . . ){[2017]} ؛ فسأل الله أن يمنحه سعة بدلا من هذا الضيق{[2018]} ؛ وأن ييسر له دعوة هذا المتكبر الجبار ، وكل أمر ؛ فاستوهب ربه تعالى أن يشرح صدره ويجعله حليما حمولا يستقبل ما عسى أن يرد عليه في طريق التبليغ والدعوة إلى مر الحق من الشدائد التي يذهب معها صبر الصابر بجميل الصبر وحسن الثبات ، وأن يسهل عليه مع ذلك أمره الذي هو أجل الأمور وأعظمها وأصعب الخطوب وأهولها ، بتوفيق الأسباب ورفع الموانع ، فالمراد من شرح الصدر جعله بحيث لا يضجر ولا يقلق مما يقتضي بحسب البشرية الضجر والقلق من الشدائد ؛ وفي طلب ذلك إظهار لكمال الافتقار إليه عز وجل . . وذكر الراغب أن أصل الشرح البسط ونحوه ، وشرح الصدر : بسطه بنور إلهي وسكينة من جهة الله تعالى ، وروح منه عز وجل .


[2017]:سورة الشعراء. من الآية 13.
[2018]:مما أورد صاحب تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان: وههنا دقيقة هي أن شرح الصدر مقدمة لسطوع الأنوار الإلهية في القلب، لاستماع مقدمة الفهم، ولما أعطى موسى المقدمة بقوله: {فاستمع} نسج موسى على ذلك المنوال فقال: {رب اشرح لي صدري}... وكان خاتم النبيين مخاطبا بقوله: {وسراجا منيرا) فشرح الصدر هو أن يصير الصدر قابلا للنور، والسراج المنير هو المعطي للنور، فالتفاوت بين موسى ومحمد عليهما السلام.