تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالَ رَبِّ ٱشۡرَحۡ لِي صَدۡرِي} (25)

الآية 25 : وقوله تعالى : { قال رب اشرح لي صدري } إن موسى سأل ربه أن يشرح له صدره . [ وذكر لمحمد أنه شرح له صدره ] {[12220]} بقوله : { ألم نشرح لك صدرك } { ووضعنا عنك وزرك } [ الشرح : 1 و2 ] ثم جائز أن يكون شرح صدورهم لتسع ما حمل عليهم من ثقل النبوة والرسالة ، لتتسع صدورهم لذلك ، ويقدروا على القيام بذلك والوفاء به ، أو أن يكون سأله شرح صدره لما كان الرسل يغضبون لله عند [ تكذيب قومهم إياهم ] {[12221]} حين يدعونهم{[12222]} إلى دينه ، ويحزنون على ذلك ، فيمنعهم غضبهم وحزنهم عن القيام بتبليغ الرسالة مقوله : { قال رب إني أخاف أن يكذبون } { ويضيق صدري ولا ينطق لساني } الآية[ الشعراء : 11 و12 ] أخبر أنه يخاف عند تكذيب قومه ضيق صدره وثقل لسانه ، فسأله لذلك أن يشرح له صدره ، ويطلق له لسانه .

ويحتمل ما قاله بعض أهل التأويل : { رب اشرح لي صدري } أي لين لي قلبي ، لأن الرسل{[12223]} قد امتحنوا في حال واحدة بشيئين متضادين : بالغضب لله عند تكذيب قومهم إياهم ، والرأفة لهم والرحمة بما حل بهم بالتكذيب من العذاب . فهذان{[12224]} أمران متضادان خص الرسل بهما . فجائز أن يكون سأل ربه أن يشرح له صدره ليتسع للأمرين جميعا : الغضب له والرحمة عليهم .


[12220]:من م ساقطة من الأصل وم.
[12221]:في الأصل وم: تكذيبهم قومهم.
[12222]:في الأصل وم: دعوهم.
[12223]:في الأصل وم: اللسان.
[12224]:في الأصل وم: فذلك.