فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا رَّجُلٗا فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَٰكِسُونَ وَرَجُلٗا سَلَمٗا لِّرَجُلٍ هَلۡ يَسۡتَوِيَانِ مَثَلًاۚ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (29)

{ ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون } :

[ المثل ] : قول موجز حكيم يشبه مورده بمضربه ؛ أو الحال والصفة العجيبة . { متشاكسون } مختلفون ، شرسون ، مماكسون ، عسرون .

من الأمثال القرآنية المعقبة ذكرى وعبرة وتُقى ساق المولى الحكيم صفة عجيبة مقارنة بأخرى ، و{ مثلا } مفعول { ضرب } و{ رجلا } بدل منه ، بدل كل من كلّ ؛ و{ فيه } خبر مقدم ؛ و{ شركاء } مبتدأ ، و{ متشاكسون } صفته ؛ هذا حال المشرك يخضع لمعبودات شتى يحار بينها ، ويتوزع ولاؤه لها ، وما هو ببالغ إرضاءها ؛ وصفة المؤمن ولاء لإله واحد شكور حليم ، برّ رحيم ، يتقبل ممن أخلص دينه العمل القليل ، ويمنحه عليه الأجر الجزيل والثواب الجميل ، فهل يستويان حالا وصفة ؟ . . كلا ! والحمد لله الذي هدانا إلى توحيده والانقياد له دون سواه ، ولكن المشركين لا يعلمون أن الله هو الحق المبين ، فيبقون في ضلالهم يعمهون ، وفي ريبهم يترددون ؛ ولقد حكى القرآن عن يوسف عليه السلام ما أوتي من حجة وبرهان يبطل بهما ضلال الشرك والأوثان ، ويرسخ اليقين بالفرد الصمد الملك الديان : { . . أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار } بل الله خير وأبقى ، وإلى هذا نادت الفطرة السليمة في جوانح الشاعر العربي إذ قال :

أربا واحدا أم ألف رب *** أدين إذا تقسمت الأمور ؟

تركت اللات والعزى جميعا *** كذلك يفعل الرجل البصير .