الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ إِذَآ أَنتُم بَشَرٞ تَنتَشِرُونَ} (20)

{ ومن آياته أن خلقكم من تراب } يعني أباكم آدم { ثم إذا أنتم بشر تنتشرون } يعني ذريته

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ إِذَآ أَنتُم بَشَرٞ تَنتَشِرُونَ} (20)

قوله تعالى : " ومن آياته أن خلقكم من تراب " أي من علامات ربوبيته ووحدانيته أن خلقكم من تراب ، أي خلق أباكم منه والفرع كالأصل ، وقد مضى بيان هذا في " الأنعام " {[12459]} . و " أن " في موضع رفع بالابتداء وكذا " أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا " .

قوله تعالى : " ثم إذا أنتم بشر تنتشرون " ثم أنتم عقلاء ناطقون تتصرفون فيما هو قوام معايشكم ، فلم يكن ليخلقكم عبثا ، ومن قدر على هذا فهو أهل للعبادة والتسبيح .


[12459]:راجع ج 6 ص 387.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ إِذَآ أَنتُم بَشَرٞ تَنتَشِرُونَ} (20)

قوله تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ ( 20 ) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } .

المصدر من { أن } والفعل في موضع رفع مبتدأ ، والجار والمجرور قبله خبر . والتقدير : وخلقُكم من تراب من آياته{[3600]} .

يعني : ومن آيات الله ودلالاته على ربوبيته ووحدانيته وكمال قدرته وعظمته { أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ } أي خلق أصلكم وهو أبوكم آدم { مِّن تُرَابٍ } وأنتم فرع آدم ، والفرع كالأصل { ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ } وذلك بعد أن مررتم في جملة مراحل وأطوار ، واحدا عقب الآخر ، بدءا بالنطف في الأرحام ، ثم المُضَغ ، ثم العلق ، ثم العظام واكتساؤه باللحم ، ثم النفخ لبعث الروح ، ثم الخروج إلى الدنيا أطوار ، بدءا بالرضاع ، ثم الفطام ، ثم اليفاع ، ثم الشباب فالشيخوخة والاكتهال . ويتخلل ذلك سعي وكدّ ونشاط وتعامل ونَصَب وصراع مع الباطل وأهله .

ذلك هو الإنسان المفكر والساعي والمنتشر ؛ فهو أوله نطفة مهينة مستقذرة ، ثم تقلّب في مراحل شتى من التطور المتعاقب حتى صار إنسانا سويا قويا مكتمل البنية والإرادة والفهم . وصار ذا بصر وتفكير وتدبير ودهاء وحيلة ، فيقطع الأمصار ويجوب البحار والفضاء مسافرا طمعا في كسب أو تحصيل . وبات يعقد المعاهدات والمؤامرات في وضح النهار أو بهيمة الظلمات . أفلا يدل ذلك على قدرة الخالق العليم .

والأعجب من ذلك أن تندرج كل هذه المعاني الكبيرة والكثيرة والمختلفة في هذه الآية القصيرة ذات الكلمات المعدودة { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ } آية وجيزة تعرض لحال الإنسان كله بدءا بكونه نطفة في رحم أمه وانتهاء بكونه بشرا ذا قوة وإرادة وصورة حسنة ، يسعى جادا منتشرا في الأرض . وهذا واحد من الأدلة الظاهرة على إعجاز القرآن وعلى أنه حق وأنه الخالق الموجد القادر .


[3600]:البيان لابن الأنباري ج 2 ص 249.