الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَيَٰقَوۡمِ لَآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ مَالًاۖ إِنۡ أَجۡرِيَ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِۚ وَمَآ أَنَا۠ بِطَارِدِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْۚ إِنَّهُم مُّلَٰقُواْ رَبِّهِمۡ وَلَٰكِنِّيٓ أَرَىٰكُمۡ قَوۡمٗا تَجۡهَلُونَ} (29)

والضمير في قوله : { لاَّ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ } راجع إلى قوله لهم : { إِنَّى لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ الله } [ هود : 25 ] . وقرىء : «وما أنا بطارد الذين آمنوا » بالتنوين على الأصل .

فإن قلت : ما معنى قوله : { إنهم ملاقو رَّبُّهُمْ } ؟ قلت : معناه أنهم يلاقون الله فيعاقب من طردهم . أو يلاقونه فيجازيهم على ما في قلوبهم من إيمان صحيح ثابت ، كما ظهر لي منهم وما أعرف غيره منهم . أو على خلاف ذلك مما تقرفونهم به من بناء إيمانهم على بادىء الرأي من غير نظر وتفكر . وما علي أن أشق عن قلوبهم وأتعرّف سر ذلك منهم حتى أطردهم إن كان الأمر كما تزعمون . ونحوه { وَلاَ تَطْرُدِ الذين يَدْعُونَ رَبَّهُمْ } الآية [ الأنعام : 52 ] ، أو هم مصدقون بلقاء ربهم موقنون به عالمون أنهم ملاقوه لا محالة { تَجْهَلُونَ } تتسافهون على المؤمنين وتدعونهم أراذل : من قوله :

ألاَ لاَ يَجْهَلَنْ أَحَدٌ عَلَيْنَا ***

أو تجهلون بلقاء ربكم . أو تجهلون أنهم خير منكم .