الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{أَوۡ يُلۡقَىٰٓ إِلَيۡهِ كَنزٌ أَوۡ تَكُونُ لَهُۥ جَنَّةٞ يَأۡكُلُ مِنۡهَاۚ وَقَالَ ٱلظَّـٰلِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلٗا مَّسۡحُورًا} (8)

ثم نزلوا أيضاً فقالوا : وإن لم يكن مرفوداً بملك فليكن مرفوداً بكنز يلقى إليه من السماء يستظهر به ولا يحتاج إلى تحصيل المعاش . ثم نزلوا فاقتنعوا بأن يكون رجلاً له بستان يأكل منه ويرتزق كما الدهاقين والمياسير ، أو يأكلون هم من ذلك البستان فينتفعون به في دنياهم ومعاشهم . وأراد بالظالمين : إياهم بأعيانهم : وضع الظاهر موضع المضمر ليسجل عليهم بالظلم فيما قالوا : وقرىء : «فيكون » بالرفع ، أو يكون له جنة ، بالياء ، ونأكل ، بالنون .

فإن قلت : ما وجها الرفع والنصب في فيكون ؟ قلت : النصب لأنه جواب «لولا » بمعنى «هلا » وحكمه حكم الاستفهام . والرفع على أنه معطوف على أنزل ، ومحله الرفع ، ألا تراك تقول : لولا ينزل بالرفع ، وقد عطف عليه : يلقى ، وتكون مرفوعين ، ولا يجوز النصب فيهما لأنهما في حكم الواقع بعد لولا ، ولا يكون إلاّ مرفوعاً . والقائلون هم كفار قريش النضر بن الحرث ، وعبد الله بن أبي أمية ، ونوفل بن خويلد ومن ضامهم { مَّسْحُورًا } سحر فغلب على عقله . أو ذا سحر ، وهو الرئة : عنوا أنه بشر لا ملك .