الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{فَيَأۡتِيَهُم بَغۡتَةٗ وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (202)

وقرأ الحسن : «فتأتيهم » ، بالتاء يعني : الساعة . وبغتة ، بالتحريك . وفي حرف أبيّ : «ويروه بغتة » .

فإن قلت : ما معنى التعقيب في قوله : { فيأتيهم بغتة . . . . فَيَقُولُواْ } ؟ قلت : ليس المعنى ترادف رؤية العذاب ومفاجأته وسؤال النظرة فيه في الوجود ، وإنما المعنى ترتبها في الشدّة .

كأنه قيل : لا يؤمنون بالقرآن حتى تكون رؤيتهم للعذاب فما هو أشدّ منها وهو لحوقه بهم مفاجأة ، فما هو أشدّ منه وهو سؤالهم النظرة .

ومثال ذلك أن تقول لمن تعظه : إن أسأت مقتك الصالحون فمقتك الله ، فإنك لا تقصد بهذا الترتيب أنّ مقت الله يوجد عقيب مقت الصالحين ، وإنما قصدك إلى ترتيب شدّة الأمر على المسيء ، وأنه يحصل له بسبب الإساءة مقت الصالحين ، فما هو أشدّ من مقتهم : وهو مقت الله ، وترى ثمّ يقع هذا الأسلوب فيحل موقعه .