الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقٗا مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ يَرُدُّوكُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡ كَٰفِرِينَ} (100)

قيل :

( مرَّ ) ( شاس ) بن قيس اليهودي وكان عظيم الكفر شديد الطعن على المسلمين شديد الحسد لهم على نفر من الأنصار من الأوس والخزرج في مجلس لهم يتحدثون ، فغاظه ذلك حيث تألفوا واجتمعوا بعد الذي كان بينهم في الجاهلية من العداوة ، وقال : ما لنا معهم إذا اجتمعوا من قرار ، فأمر شاباً من اليهود أن يجلس إليهم ويذكرهم يوم بعاث وينشدهم بعض ما قيل فيه من الأشعار ، وكان يوماً اقتتلت فيه الأوس والخزرج وكان الظفر فيه للأوس . ففعل فتنازع القوم عند ذلك وتفاخروا وتغاضبوا وقالوا : السلاح السلاح ، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم ، فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين والأنصار فقال : أتدعون الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد إذ أكرمكم الله بالإسلام وقطع به عنكم أمر الجاهلية وألف بينكم . فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان وكيد من عدوّهم ، فألقوا السلاح وبكوا وعانق بعضهم بعضاً ، ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما كان يوم أقبح أوّلاً وأحسن آخراً من ذلك اليوم .