غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقٗا مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ يَرُدُّوكُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡ كَٰفِرِينَ} (100)

92

عن عكرمة ويروى عن زيد بن أسلم وجابر أيضاً أن شاس بن قيس اليهودي - وكان عظيم الكفر شديد الطعن على المسلمين - مر على نفر من الأنصار من الأوس والخزرج في مجلس لهم يتحدثون فغاظه ذلك حيث تألفوا واجتمعوا بعد الذي كان بينهم في الجاهلية من العداوة وقال : ما لنا معهم إذا اجتمعوا من قرار . فأمر شاباً من اليهود أني جلس إليهم ويذكرهم يوم بعاث ، وهو يوم اقتتلت فيه الأوس والخزرج وكان الظفر فيه للأوس على الخزرج . ففعل وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار . فتكلم القوم عند ذلك فتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجلان من الحيين ، أوس بن قيظى أحد بني حارثة من الأوس ، وجبار بن صخر أحد بني سلمة من الخزرج- فتقاولا ثم قال أحدهما لصاحبه : إن شئت والله رددتها الآن جذعة . وغضب الفريقان جميعاً وقالا : قد فعلنا السلاح السلاح موعدكم الظاهرة وهي الحرة . فخرجوا إليها وانضمت الأوس والخزرج بعضها إلى بعض على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية واصطفوا للقتال فنزلت { يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين } الآيات فجاء النبي صلى الله عليه وسلم حتى قام بين الصفين فقرأها ورفع صوته ، فلما سمعوا صوته صلى الله عليه وسلم وأنصتوا له صلى الله عليه وسلم وجعلوا يستمعون ، فما فرغ ألقوا السلاح وعانق بعضهم بعضاً وجثوا يبكون .

وفي رواية زيد بن أسلم : خرج إليهم رسول الله فيمن معه من المهاجرين فقال : يا معشر المسلمين أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد إذ أكرمكم الله بالإسلام وقطع به عنكم أمر الجاهلية وألف بينكم ترجعون إلى ما كنتم عليه كفاراً ؟ الله الله . فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان وكيد من عدوهم ، فألقوا السلاح وبكوا وعانق بعضهم بعضاً ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سامعين مطيعين فأنزل الله عز وجل الآيات . قال جابر بن عبد الله . ما كان من طالع أكره إلينا من رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأومئ إلينا بيده وكففنا وأصلح الله ما بيننا ، فما كان شخص أحب إلينا من رسول الله صلى الله عليه وسلم . فما رأيت يوماً قط أقبح ولا أوحش أوّلاً وأحسن آخراً من ذلك اليوم .

/خ101