الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{فَتَوَلَّوۡاْ عَنۡهُ مُدۡبِرِينَ} (90)

وكانوا يخافون العدوى ليتفرقوا عنه ، فهربوا منه إلى عيدهم وتركوه في بيت الأصنام ليس معه أحد ، ففعل بالأصنام ما فعل .

فإن قلت : كيف جاز له أن يكذب ؟ قلت : قد جوّزه بعض الناس في المكيدة في الحرب والتقية ، وإرضاء الزوج والصلح بين المتخاصمين والمتهاجرين . والصحيح : أن الكذب حرام إلاّ إذا عرّض وورّى ، والذي قاله إبراهيم عليه السلام : معراض من الكلام ، ولقد نوى به أن من في عنقه الموت سقيم . ومنه المثل : كفى بالسلامة داء . وقول لبيد :

فَدَعَوْتُ رَبِّي بالسَّلاَمَةِ جَاهِدا *** لِيُصِحَّنِي فَإذَا السَّلاَمَةُ دَاءُ

وقد مات رجل فجأة فالتف عليه الناس وقالوا : مات وهو صحيح ، فقال أعرابي : أصحيح من الموت في عنقه . وقيل : أراد : إني سقيم النفس لكفركم .