الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكۡتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسۡتَوۡفُونَ} (2)

وعن علي رضي الله عنه : أنه مر برجل يزن الزعفران وقد أرجح فقال له : أقم الوزن بالقسط ، ثم أرجح بعد ذلك ما شئت . كأنه أمره بالتسوية أولا ليعتادها ويفصل الواجب من النفل . وعن ابن عباس : إنكم معشر الأعاجم وليتم أمرين : بهما هلك من كان قبلكم : المكيال والميزان ؛ وخص الأعاجم لأنهم يجمعون الكيل والوزن جميعاً وكانا مفرّقين في الحرمين : كان أهل مكة يزنون وأهل المدينة يكيلون ، وعن ابن عمر أنه كان يمر بالبائع فيقول له : اتق الله وأوف الكيل ، فإنّ المطففين يوقفون يوم القيامة لعظمة الرحمن حتى إن العرق ليلجمهم . وعن عكرمة : أشهد أنّ كل كيال ووزان في النار . فقيل له : إنّ ابنك كيال أو وزان ؛ فقال : أشهد أنه في النار . وعن أبيّ رضي الله عنه : لا تلتمس الحوائج ممن رزقه في رؤوس المكاييل وألسن الموازين لما كان اكتيالهم من الناس اكتيالاً يضرهم ويتحامل فيه عليهم : أبدل «على » مكان «من » للدلالة على ذلك . ويجوز أن يتعلق «على » بيستوفون ، ويقدم المفعول على الفعل لإفادة الخصوصية ، أي : يستوفون على الناس خاصة ؛ فأما أنفسهم فيستوفون لها ؛ وقال الفراء «من » و«على » يعتقبان في هذا الموضع ، لأنه حق عليه ؛ فإذا قال اكتلت عليك ، فكأنه قال : أخذت ما عليك ؛ وإذا قال : اكتلت منك ، فكقوله : استوفيت منك .