قوله تعالى : { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله يَعْلَمُ مَا فِي السماء والأرض } الآية . لما قال : { الله يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ } [ الحج : 69 ] أتبعه{[31859]} بما به يعلم أنه تعالى عالم بما{[31860]} يستحقه كل أحد ، ويقع الحكم بينهم بالعدل لا بالجور فقال لرسوله : { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله يَعْلَمُ مَا فِي السماء والأرض } ، وهذا استفهام معناه تقوية قلب الرسول - عليه السلام{[31861]} - والوعد له وإيعاد الكافرين بأن أفعالهم كلها محفوظة عند الله لا يضل عنه ولا ينسى . والخطاب مع الرسول والمراد سائر العباد لأن الرسالة لا تثبت إلا بعد العلم بكونه تعالى عالماً بكل المعلومات ، إذ لو لم يثبت ذلك لجاز أن يشتبه عليه الكاذب بالصادق ، فحينئذ لا يكون إظهار المعجزة دليلاً على الصدق ، وإذا كان كذلك استحال أن لا يكون الرسول عالماً بذلك ، فثبت أن المراد أن يكون خطاباً مع الغير ثم قال : { إِنَّ ذلك فِي كِتَابٍ } أي : كله في كتاب يعني اللوح المحفوظ{[31862]} .
وقال أبو مسلم : معنى الكتاب الحِفْظ{[31863]} والضَّبْط والشَّد{[31864]} ، يقال : كَتَبْتُ المزادة{[31865]} أكْتُبُها إذا خَرزْتها ، فحفظت بذلك ما فيها ، ومعنى الكتاب بين الناس حفظ ما يتعاملون به ، فالمراد بالآية أنه محفوظ عنده . وأيضاً فالقول الأول يوهم أن علمه مستفاد من الكتاب .
وأجيب بأن هذا القول وإن كان صحيحاً نظراً إلى الاشتقاق لكن حمل اللفظ على المتعارف أولى ، ومعلوم أن الكتاب هو{[31866]} ما كتب فيه الأمور{[31867]} .
فإن قيل : أي فائدة في ذلك الكتاب إذا كان محفوظاً ؟
فالجواب أن كتبه تلك الأشياء في ذلك الكتاب مع كونها مطابقة للموجودات دليل على أنه تعالى غني في علمه عن ذلك الكتاب . وفائدة أن الملائكة ينظرون فيه ، ثم يرون الحوادث داخلة في الوجود على وفقه فيصير ذلك دليلاً لهم زائداً على كونه تعالى عالماً بكل المعلومات{[31868]} وقوله : { إِنَّ ذلك عَلَى الله يَسِيرٌ } أي العلم بجميع ذلك على الله يسير . والمعنى : إن ذلك مما يتعذر على الخلق لكنه متى أراده الله تعالى كان ، فعبر عن ذلك بأنه يسير ، وإن كان هذا الوصف لا يستعمل إلا فينا من حيث تسهل وتصعب علينا الأمور ، وتعالى{[31869]} الله عن ذلك{[31870]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.