{ وَإِن يَكُنْ لَّهُمُ الحق يأتوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ } . منقادين لحكمه ، أي : إذا كان الحق لهم على غيرهم أسرعوا إلى حكمه لتيقنهم أنه كما يحكم عليهم بالحق يحكم لهم أيضاً بالحق ، وهذا يدل على أنهم إنما يعرضون متى عرفوا الحق لغيرهم أو شكوا . فأما إذا عرفوه لأنفسهم عدلوا عن الإعراض وسارعوا إلى الحكم وأذعنوا ( ببذل الرضا{[18]} ) {[19]} .
قوله : «ليَحْكُم » أفرد الضمير وقد تقدَّمه اسمان وهما : «اللَّهُ ورَسُولُهُ » فهو كقوله : { والله وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ }{[20]} [ التوبة : 62 ] لأنَّ حكم رَسُولِهِ هو حُكْمُهُ .
قال الزمخشري : كقولك{[21]} : أَعْجَبَنِي زَيْدٌ وَكَرَمُهُ ، أي : كَرَمُ زَيْدٍ ، ومنه :
وَمَنْهَلٍ مِنَ الفَيَافِي أَوْسَطُهْ *** غَلَّسْتُهُ{[22]} قَبْلَ القَطَا وفَرَطُهْ{[23]}
أي : قبل فَرطِ ( القطا{[24]} ){[25]} يعني : قبل تقدَّم القطا . وقرأ أبو جعفر والجحدري وخالد بن إلياس والحسن : «ليُحْكَمَ بَيْنَهُمْ » هنا ، والتي بعدها{[26]} مبنياً للمفعول{[27]} ، والظرف قائم مقام الفاعل .
قوله : «إذا فَرِيقٌ » «إذَا » هي الفجائية ، وهي جواب «إذَا » الشرطية أولاً وهذا أحد{[28]} الأدلة على منع أن يعمل في «إذا » الشرطية جوابها ، فإن ما بعد الفجائية لا يعمل فيما قبلها ، كذا ذكره أبو حيان{[29]} ، وتقدم تحرير هذا وجواب الجمهور عنه .
قوله : «إلَيْهِ » يجوز تعلقه ب «يَأْتوا{[30]} » ، لأنَّ «أَتَى » و «جَاءَ » قد جاءا مُعَدَّيَيْن{[31]} ب «إلى » ، ويجوز أن يتعلق ب «مُذْعِنِينَ » لأنه بمعنى : مسرعين في الطاعة . وصححه الزمخشري ، قال : لتقدُّم صلته ، ولدلالته على الاختصاص{[32]} ، و«مُذْعِنِينَ » حال{[33]} والإذعان : الانقياد ، يقال : أَذْعَنَ فلانٌ لفلان ، انقَادَ لَهُ{[34]} . وقال الزجاج : «الإذْعَانُ : الإسراع مع الطاعة »{[35]} .
قوله : { أَمِ ارتابوا أَمْ يَخَافُونَ } . «أَمْ » فيهما منقطعة ، فتقدر عند الجمهور بحرف الإضراب وهمزة الاستفهام ، تقديره : بل أَرْتَابُوا بل أَيَخَافُونَ ، ومعنى الاستفهام هنا : التقرير والتوقيف{[36]} ، ويبالغ فيه تارة في الذم كقوله :
أَلَسْتَ مِنَ القَوْم الَّذِينَ تَعَاهَدُوا *** عَلَى اللُّؤمِ وَالفَحْشَاءِ في سَالِفِ الدَّهْرِ{[37]}
أَلَسْتُمْ خَيْرَ مَنْ رَكِبَ المَطَايا *** وَأَنْدَى العَالَمِينَ بُطُونَ رَاحِ{[38]}
و «أَنْ يَحِيفَ » مفعول الخوف{[39]} والحوف : الميل والجور في القضاء ، يقال : حاف في قضائه ، أي : ( مال{[40]} ){[41]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.