فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِن يَكُن لَّهُمُ ٱلۡحَقُّ يَأۡتُوٓاْ إِلَيۡهِ مُذۡعِنِينَ} (49)

ثم ذكر سبحانه أن إعراضهم إنما هو إذا كان الحق عليهم ، وأما إذا كان لهم فإنهم يذعنون لعلهم بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يحكم إلا بالحق فقال :

{ وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ ( 49 ) أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ( 50 ) إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ( 51 ) وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ( 52 ) وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُل لَّا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ( 53 ) } .

{ وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ } أي إذا كان الحكم لهم على غيرهم { يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ } مطيعين منقادين لحكمه طلبا لحقهم ، لا رضاء بحكم رسولهم قال الزجاج : الإذعان الإسراع مع الطاعة ، يقال : أذعن لي بحقي ، أي طاوعني لما كنت ألتمس منه ، وصار يسرع إليه ، وبه قال مجاهد . وقال الأخفش وابن الأعرابي : مذعنين مقرين وقال النقاش : خاضعين . والمعنى أنهم لمعرفتهم أنه ليس معك إلا الحق المر ، والعدل البحت ، يمتنعون عن المحاكمة إليك ، وإذا ركبهم الحق ، لئلا تنتزعه من أحداقهم ، بقضائك عليهم لخصومهم ، وإن ثبت لهم الحق على خصم أسرعوا إليك ، ولم يرضوا إلا بحكومتك لتأخذ لهم ما وجب لهم في ذمة الخصم .