ثم حكى الله تعالى عن موسى أنه قال : { ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصى لك أمرا } وفيه مسائل :
المسألة الأولى : احتج الطاعنون في عصمة الله الأنبياء بهذه الآية فقالوا : إن الخضر قال لموسى : { إنك لن تستطيع معي صبرا } وقال موسى : { ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصى لك أمرا } وكل واحد من هذين القولين يكذب الآخر فيلزم إلحاق الكذب بأحدهما وعلى التقديرين فيلزم صدور الكذب عن الأنبياء عليهم السلام ، والجواب أن يحمل قوله : { إنك لن تستطيع معي صبرا } على الأكثر الأغلب وعلى هذا التقدير فلا يلزم ما ذكروه .
المسألة الثانية : لفظة إن كان كذا تفيد الشك فقوله : { ستجدني إن شاء الله صابرا } معناه ستجدني صابرا إن شاء الله كوني صابرا ، وهذا يقتضي وقوع الشك في أن الله هل يريد كونه صابرا أم لا . ولا شك أن الصبر في مقام التوقف واجب ، فهذا يقتضي أن الله تعالى قد لا يريد من العبد ما أوجبه عليه ، وهذا يدل على صحة قولنا : إن الله تعالى قد يأمر بالشيء مع أنه لا يريده ، قالت المعتزلة : هذه الكلمة إنما تذكر رعاية للأدب فيما يريد الإنسان أن يفعله في المستقبل فيقال لهم هذا الأدب إن صح معناه فقد ثبت المطلوب ، وإن فسد فأي أدب في ذكر هذا الكلام الباطل ؟
المسألة الثالثة : قوله تعالى : { ولا أعصى لك أمرا } يدل على أن ظاهر الأمر يفيد الوجوب لأن تارك المأمور به عاص بدلالة هذه الآية ، والعاصي يستحق العقاب لقوله تعالى : { ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم } وهذا يدل على أن ظاهر الأمر يفيد الوجوب .
المسألة الرابعة : قول الخضر لموسى عليه السلام : { وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا } نسبة إلى قلة العلم والخبر ، وقول موسى له : { ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصى لك أمرا } تواضع شديد وإظهار للتحمل التام والتواضع الشديد ، وكل ذلك يدل على أن الواجب على المتعلم إظهار التواضع بأقصى الغايات ، وأما المعلم فإن رأى أن في التغليظ على المتعلم ما يفيده نفعا وإرشادا إلى الخير . فالواجب عليه ذكره فإن السكوت عنه يوقع المتعلم في الغرور والنخوة وذلك يمنعه من التعلم
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.