البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{قَالَ سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِرٗا وَلَآ أَعۡصِي لَكَ أَمۡرٗا} (69)

{ قال ستجدني إن شاء الله صابراً } وعده بوجدانه { صابراً } وقرن ذلك بمشيئة الله علماً منه بشدة الأمر وصعوبته ، إذ لا يصبر إلاّ على ما ينافي ما هو عليه إذ رآه { ولا أعصي } يحتمل أن يكون معطوفاً على { صابراً } أي { صابراً } وغير عاص فيكون في موضع نصب عطف الفعل على الاسم إذا كان في معناه كقوله { صافات ويقبضن } أي وقابضات ، ويجوز أن يكون معطوفاً على { ستجدني } فلا محل له من الإعراب ولا يكون مقيداً بالمشيئة لفظاً .

وقال القشيري : وعد موسى من نفسه بشيئين : بالصبر وقرنه بالاستثناء بالمشيئة فصبر حين وجد على يدي الخضر فيما كان منه من الفعل ، وبأن لا يعصيه فأطلق ولم يقرنه بالاستثناء فعصاه حيث قال له { فلا تسألني } فكان يسأله فما قرن بالاستثناء لم يخالف فيه وما أطلقه وقع فيه الخلف انتهى .

وهذا منه على تقدير أن يكون { ولا أعصي } معطوفاً على { ستجدني } فلم يندرج تحت المشيئة .