مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{قَالَ هَٰذَا فِرَاقُ بَيۡنِي وَبَيۡنِكَۚ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأۡوِيلِ مَا لَمۡ تَسۡتَطِع عَّلَيۡهِ صَبۡرًا} (78)

{ هذا فراق بيني وبينك } وههنا سؤالات . السؤال الأول : قوله : هذه إشارة إلى ماذا ؟ والجواب من وجهين : الأول : أن موسى عليه السلام قد شرط أنه إن سأله بعد ذلك سؤالا آخر يحصل الفراق حيث قال : { إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني } فلما ذكر هذا السؤال فارقه ذلك العالم وقال { هذا فراق بيني وبينك } أي هذا الفراق الموعود . الثاني : أن يكون قوله هذا إشارة إلى السؤال الثالث أي هذا الاعتراض هو سبب الفراق . السؤال الثاني : ما معنى قوله : { هذا فراق بيني وبينك } ؟ الجواب : معناه هذا فراق حصل بيني وبينك ، فأضيف المصدر إلى الظرف ، حكى القفال عن بعض أهل العربية أن البين هو الوصل لقوله تعالى : { لقد تقطع بينكم } فكان المعنى هذا فراق بيننا ، أي اتصالنا ، كقول القائل : أخزى الله الكاذب مني ومنك ، أي أحدنا هكذا قاله الزجاج ، ثم قال العالم لموسى عليه السلام : { سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا } أي سأخبرك بحكمة هذه المسائل الثلاثة ، وأصل التأويل راجع إلى قولهم آل الأمر إلى كذا أي صار إليه ، فإذا قيل : ما تأويله فالمعنى ما مصيره .