البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{قَالَ هَٰذَا فِرَاقُ بَيۡنِي وَبَيۡنِكَۚ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأۡوِيلِ مَا لَمۡ تَسۡتَطِع عَّلَيۡهِ صَبۡرًا} (78)

وقرأ ابن أبي عبلة { فراق بيني } بالتنوين والجمهور على الإضافة .

والبين قال ابن عطية : الصلاح الذي يكون بين المصطحبين ونحوهما ، وذلك مستعار فيه من الظرفية ومستعمل استعمال الأسماء ، وتكريره { بيني وبينك } وعدوله عن بيننا لمعنى التأكيد .

{ سأنبئك } أي سأخبرك { بتأويل } ما رأيت من خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار ، أي بما آل إليه الأمر فيما كان ظاهره أن لا يكون .

وقرأ ابن وثاب سأنبيك بإخلاص الياء من غير همز .

وعن ابن عباس : كان قول موسى في السفينة وفي الغلام لله ، وكان قوله في الجدار لنفسه لطلب شيء من الدنيا فكان سبب الفراق .

وقال أرباب المعاني : هذه الأمثلة التي وقعت لموسى مع الخضر حجة على موسى وإعجاله ، وذلك أنه لما أنكر خرق السفينة نودي : يا موسى أين كان تدبيرك هذا وأنت في التابوت مطروحاً في اليم ؟ فلما أنكر قتل الغلام قيل له : أين إنكارك هذا من وكز القبطي وقضائك عليه ؟ فلما أنكر إقامة الجدار نودي أين هذا من رفعك الحجر لبنات شعيب دون أجرة ؟ { سأنبئك } في معاني هذا معك ولا أفارقك حتى أوضح لك ما استبهم عليك .