إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قَالَ هَٰذَا فِرَاقُ بَيۡنِي وَبَيۡنِكَۚ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأۡوِيلِ مَا لَمۡ تَسۡتَطِع عَّلَيۡهِ صَبۡرًا} (78)

{ قَالَ } أي الخَضِر عليه الصلاة والسلام : { هذا فِرَاقُ بيني وَبَيْنِكَ } على إضافة المصدرِ إلى الظرف اتساعاً وقد قرئ على الأصل ، والمشارُ إليه إما نفسُ الفِراق كما في هذا أخوك ، أو الوقتُ الحاضرُ أي هذا الوقتُ وقتُ فراق بيني وبينِك ، أو السؤالُ الثالث ، أي هذا سببُ ذلك الفراقِ حسبما هو الموعودُ { سَأُنَبّئُكَ } السين للتأكيد لعدم تراخي التنبئة { بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً } التأويلُ رجْعُ الشيءِ إلى مآله والمرادُ به هاهنا المآلُ والعاقبةُ إذ هو المنبَّأُ به دون التأويل وهو خلاصُ السفينة من اليد العادِيَة ، وخلاصُ أبوَي الغلام من شره مع الفوز بالبدل الأحسنِ واستخراجُ اليتيمين للكنز ، وفي جعل صلةِ الموصول عدمَ استطاعةِ موسى عليه الصلاة والسلام للصبر دون أن يقال : بتأويل ما فعلتُ أو بتأويل ما رأيتَ ونحوِهما نوعُ تعريضٍ به عليه الصلاة والسلام وعتاب .