الصفة الرابعة : قوله : { يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا } قال صاحب «الكشاف » : من يصلح أن يكون مرفوعا ومنصوبا فالرفع على البدل من الشفاعة بتقدير حذف المضاف إليه أي لا تنفع الشفاعة إلا شفاعة من أذن له الرحمن والنصب على المفعولية ، وأقول : الاحتمال الثاني أولى لوجوه : الأول : أن الأول يحتاج فيه إلى الإضمار وتغيير الأعراب والثاني : لا يحتاج فيه إلى ذلك . والثاني : أن قوله تعالى : { لا تنفع الشفاعة } يراد به من يشفع بها والاستثناء يرجع إليهم فكأنه قال : لا تنفع الشفاعة أحدا من الخلق إلا شخصا مرضيا . والثالث : وهو أن من المعلوم بالضرورة أن درجة الشافع درجة عظيمة فهي لا تحصل إلا لمن أذن الله له فيها وكان عند الله مرضيا ، فلو حملنا الآية على ذلك صارت جارية مجرى إيضاح الواضحات ، أما لو حملنا الآية على المشفوع له لم يكن ذلك إيضاح الواضحات فكان ذلك أولى ، إذا ثبت هذا فنقول : المعتزلة قالوا : الفاسق غير مرضي عند الله تعالى فوجب أن لا يشفع الرسول في حقه لأن هذه الآية دلت على أن المشفوع له لا بد وأن يكون مرضيا عند الله . واعلم أن هذه الآية من أقوى الدلائل على ثبوت الشفاعة في حق الفساق لأن قوله ورضي له قولا يكفي في صدقه أن يكون الله تعالى قد رضي له قولا واحدا من أقواله ، والفاسق قد ارتضى الله تعالى قولا واحدا من أقواله وهو : شهادة أن لا إله إلا الله . فوجب أن تكون الشفاعة نافعة له لأن الاستثناء من النفي إثبات فإن قيل إنه تعالى استثنى عن ذلك النفي بشرطين : أحدهما : حصول الإذن . والثاني : أن يكون قد رضي له قولا ، فهب أن الفاسق قد حصل فيه أحد الشرطين وهو أنه تعالى قد رضي له قولا ، لكن لم قلتم إنه أذن فيه ، وهذا أول المسألة قلنا : هذا القيد وهو أنه رضي له قولا كاف في حصول الاستثناء بدليل قوله تعالى : { ولا يشفعون إلا لمن ارتضى } فاكتفى هناك بهذا القيد ودلت هذه الآية على أنه لا بد من الإذن فظهر من مجموعهما أنه إذا رضي له قولا يحصل الإذن في الشفاعة ، وإذا حصل القيدان حصل الاستثناء وتم المقصود .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.