مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{فَيَذَرُهَا قَاعٗا صَفۡصَفٗا} (106)

أما الضمير في قوله : { فيذرها } فهو عائد إلى الأرض فاستغنى عن تقديم ذكرها كما في عادة الناس من الإخبار عنها بالإضمار كقولهم : ما عليها أكرم من فلان وقال تعالى : { ما ترك على ظهرها من دابة } .

وإنما قال : { فيذرها قاعا صفصفا } ليبين أن ذلك النسف لا يزيل الاستواء لئلا يقدر أنها لما زالت من موضع إلى موضع آخر صارت هناك حائلة ، هذا كله إذا كان المقصود من سؤالهم الاعتراض على كيفية المخافتة ، أما لو كان الغرض من السؤال ما ذكرنا من أنه لا نقصان فيها في الحال فوجب أن لا ينتهي أمرها إلى البطلان ، كان تقرير الجواب : أن بطلان الشيء قد يكون بطلانا يقع توليديا ، فحينئذ يجب تقديم النقصان على البطلان وقد يكون بطلانا يقع دفعة واحدة ، وههنا لا يجب تقديم النقصان على البطلان ، فبين الله تعالى أنه يفرق تركيبات هذا العالم الجسماني دفعة بقدرته ومشيئته فلا حاجة ههنا إلى تقديم النقصان على البطلان .

المسألة الثالثة : أنه تعالى وصف الأرض ذلك الوقت بصفات . أحدها : كونها قاعا وهو المكان المطمئن وقيل مستنقع الماء . وثانيها : الصفصف وهو الذي لا نبات عليه . وقال أبو مسلم : القاع الأرض الملساء المستوية وكذلك الصفصف .