الدلالة الثالثة : قوله : { ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض } أي ذلل لكم ما فيها فلا أصلب من الحجر ولا أحد من الحديد ولا أكثر هيبة من النار ، وقد سخرها لكم وسخر الحيوانات أيضا حتى ينتفع بها من حيث الأكل والركوب والحمل عليها والانتفاع بالنظر إليها ، فلولا أن سخر الله تعالى الإبل والبقر مع قوتهما حتى يذللهما الضعيف من الناس ويتمكن منهما لما كان ذلك نعمة .
الدلالة الرابعة : قوله تعالى : { والفلك تجري في البحر بأمره } والأقرب أن المراد وسخر لكم الفلك لتجري في البحر ، وكيفية تسخيره الفلك هو من حيث سخر الماء والرياح لجريها ، فلولا صفتهما على ما هما عليه لما جرت بل كانت تغوص أو تقف أو تعطب . فنبه تعالى على نعمه بذلك ، وبأن خلق ما تعمل منه السفن ، وبأن بين كيف تعمل ، وإنما قال بأمره لأنه سبحانه لما كان المجري لها بالرياح نسب ذلك إلى أمره توسعا ، لأن ذلك يفيد تعظيمه بأكثر مما يفيد لو أضافه إلى فعل بناء على عادة الملوك في مثل هذه اللفظة .
الدلالة الخامسة : قوله تعالى : { ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرءوف رحيم } واعلم أن النعم المتقدمة لا تكمل إلا بهذه لأن السماء مسكن الملائكة فوجب أن يكون صلبا . ووجب أن يكون ثقيلا ، وما كان كذلك فلابد من الهوى لولا مانع يمنع منه ، وهذه الحجة مبنية على ظاهر الأوهام ، وقوله تعالى : { أن تقع } قال الكوفيون : كي لا تقع ، وقال البصريون كراهية أن تقع ، وهذا بناء على مسألة كلامية وهي أن الإرادات والكراهات هل تتعلق بالعدم ؟ فمن منع من ذلك صار إلى التأويل الأول ، والمعنى أنه أمسكها لكي لا تقع فتبطل النعم التي أنعم بها .
أما قوله تعالى : { إن الله بالناس لرءوف رحيم } فالمعنى أن المنعم بهذه النعم الجامعة لمنافع الدنيا والدين قد بلغ الغاية في الإحسان والإنعام ، فهو إذن رءوف رحيم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.