مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَأَلۡقِ عَصَاكَۚ فَلَمَّا رَءَاهَا تَهۡتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنّٞ وَلَّىٰ مُدۡبِرٗا وَلَمۡ يُعَقِّبۡۚ يَٰمُوسَىٰ لَا تَخَفۡ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ ٱلۡمُرۡسَلُونَ} (10)

قوله تعالى : { وألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضآء من غير سوء في تسع آيات إلى فرعون وقومه إنهم كانوا قوما فاسقين فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين } .

اعلم أن أكثر ما في هذا الآيات قدر مر شرحه ، ولنذكر ما هو من خواص هذا الموضع : يقال علام عطف قوله : { وألق عصاك } ؟ جوابه : على بورك من في النار ، وأن ألق عصاك ، كلاهما تفسير لنودي .

أما قوله : { كأنها جان } فالجان الحية الصغيرة ، سميت جانا ، لأنها تستتر عن الناس ، وقرأ الحسن { جان } على لغة من يهرب من التقاء الساكنين ، فيقول شابة ودابة .

أما قوله : { ولم يعقب } معناه لم يرجع ، يقال عقب المقاتل إذا مر بعد الفرار ، وإنما خاف لظنه أن ذلك لأمر أريد به ، ويدل عليه { إني لا يخاف لدي المرسلون } وقال بعضهم : المراد إني إذا أمرتهم بإظهار معجز فينبغي أن لا يخافوا فيما يتعلق بإظهار ذلك وإلا فالمرسل قد يخاف لا محالة .