مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{۞وَلَقَدۡ فَتَنَّا قَبۡلَهُمۡ قَوۡمَ فِرۡعَوۡنَ وَجَآءَهُمۡ رَسُولٞ كَرِيمٌ} (17)

قوله تعالى : { ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم * أن أدوا إلي عباد الله إني لكم رسول أمين * وأن لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين * وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون * وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون * فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون * فأسر بعبادي ليلا إنكم متبعون * واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون * كم تركوا من جنات وعيون * وزروع ومقام كريم * ونعمة كانوا فيها فاكهين * كذلك وأورثناها قوما آخرين * فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين } .

اعلم أنه تعالى لما بين أن كفار مكة مصرون على كفرهم ، بين أن كثيرا من المتقدمين أيضا كانوا كذلك ، فبين حصول هذه الصفة في أكثر قوم فرعون ، قال صاحب «الكشاف » قرئ ، { ولقد فتنا } بالتشديد للتأكيد قال ابن عباس ابتلينا ، وقال الزجاج بلونا ، والمعنى عاملناهم معاملة المختبر ببعث الرسول إليهم { وجاءهم رسول كريم } وهو موسى واختلفوا في معنى الكريم هاهنا فقال الكلبي كريم على ربه يعني أنه استحق على ربه أنواعا كثيرة من الإكرام ، وقال مقاتل حسن الخلق وقال الفراء يقال فلان كريم قومه لأنه قل ما بعث رسول إلا من أشراف قومه وكرامهم .