نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{۞وَلَقَدۡ فَتَنَّا قَبۡلَهُمۡ قَوۡمَ فِرۡعَوۡنَ وَجَآءَهُمۡ رَسُولٞ كَرِيمٌ} (17)

ولما كان التقدير : لفقد فتناهم بإرسالك إليهم ليكشف ذلك لمن لا يعلم الشيء إلا بعد وقوعه عما نعلمه{[57394]} في الأزل ، وفيما لا يزال{[57395]} ولم يزل ، من بواطن أمورهم ، فتقوم الحجة على من خالفنا على مقتضى عاداتكم{[57396]} ، عطف عليه محذراً لقريش ومسلياً للنبي صلى الله عليه وسلم قوله : { ولقد فتنا } أي فعلنا على ما لنا من العظمة فعل الفاتن وهو المختبر{[57397]} الذي يريد أن يعلم حقيقة الشيء بالإملاء والتمكين ثم الإرسال{[57398]} .

ولما كان من المعلوم أن قوم فرعون لم يستغرقوا الزمان ولا كانوا أقرب الناس زماناً إلى قريش ، نزع الجار قبل الظرف لعدم{[57399]} الإلباس أو أنه عظم فتنتهم لما كان لهم من العظمة والمكنة ، فجعلها لذلك كأنها مستغرقة لجميع الزمان فقال : { قبلهم } أي قبل هؤلاء العرب ليكون ما مضى من خبرهم عبرة لهم وعظة .

ولما كان فرعون من أقوى من جاءه رسول قبلهم بما كان له من الجنود والأموال والمكنة ، {[57400]}وكان{[57401]} الرسول الذي أتاه قد جمع له - صلى الله عليه وسلم - {[57402]}الآيات التي اشتملت على التصرف في العناصر الأربعة . فكان{[57403]} فيها الماء والتراب والنار والهواء ، وكانوا إذا{[57404]} أتتهم الآية قالوا : يا أيها الساحر ! ادع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون ، فإذا{[57405]} كشف عنهم ذلك عادوا{[57406]} إلى ما كانوا عليه كما أخبر تعالى عن هؤلاء عند مجيء الدخان - إلى [ غير-{[57407]} ] ذلك مما شابهوهم فيه من الأسرار{[57408]} التي كشفها هذا المضمار ، وكان آخر ذلك أن{[57409]} أهلكهم أجمعين ، فكانوا أجلى مثل لقوله تعالى في التي قبلها

{ فأهلكنا أشد منهم بطشاً }[ الزخرف : 8 ] خصهم بالذكر من [ بين-{[57410]} ] المفتونين قبل فقال : { قوم فرعون } أي مع فرعون لأن ما كان فتنة لقومه كان فتنة له{[57411]} لأن الكبير أرسخ في الفتنة بما أحاط{[57412]} به من الدنيا{[57413]} ، وسيأتي التصريح به في آخر القصة { وجاءهم } أي المضافين والمضاف إليه{[57414]} في [ زيادة-{[57415]} ] فتنتهم { رسول كريم } أي يعلمون شرفه نسباً وأخلاقًا وأفعالاً ، ثم زاد بيان كرمه بما {[57416]}ظهر لله{[57417]} به من العناية بما أيده به من المعجزات .


[57394]:من مد، وفي الأصل و ظ: فعله.
[57395]:من ظ ومد، وفي الأصل: لا يزال.
[57396]:من مد، وفي الأصل و ظ: عوايدكم.
[57397]:من مد، وفي الأصل و ظ: المخبر.
[57398]:من مد، وفي الأصل و ظ:بالإرسال.
[57399]:من مد، وفي الأصل و ظ: نظرا إلى.
[57400]:من مد، في الأصل و ظ: فكان.
[57401]:من مد، في الأصل و ظ: فكان.
[57402]:زيد في الأصل و ظ: علم. ولم تكن الزيادة في مد فحذفناها.
[57403]:من مد، وفي الأصل و ظ: فكانوا.
[57404]:من ظ ومد، وفي الأصل: لما.
[57405]:من مد، وفي الأصل و ظ: فلما.
[57406]:من ظ ومد، وفي الأصل: حادوا.
[57407]:زيد من مد
[57408]:في مد: الأشرار.
[57409]:سقط من مد.
[57410]:زيد من ظ ومد.
[57411]:في مد: لهم.
[57412]:في مد: أحاطه.
[57413]:من ظ ومد، وفي الأصل: الدين.
[57414]:من ظ ومد، وفي الأصل: إليهم.
[57415]:زيد من ظ ومد.
[57416]:من ظ ومد، وفي الأصل: أظهر الله.
[57417]:من ظ ومد، وفي الأصل: أظهر الله.